هجرة جماعية نحو سبتة المحتلة.. هل يضغط المغرب على إسبانيا؟
على مرأى ومسمع من السلطات المغربية، وأمام اندهاش الحرس المدني الإسباني، توافد مئات الأشخاص من مختلف الأعمار على مدينة سبتة المحتلة في هجرة جماعية من مدينة الفنيدق، شكلت مشهدا غير مسبوق، بعدما ناهز عدد الذين عبروا الحدود سباحة وعبر قوارب مطاطية 3117 شخص، بينهم 700 قاصر.
وفسر متتبعون كثر تغاضي السلطات المغربية عن منع المهاجرين من عبور الحدود، بأنه محاولة من المغرب للضغط على إسبانيا باستعمال ملف الهجرة، في وقت تفجرت فيه مجموعة من الخلافات حول القضايا التي يعتبرها المغرب مصيرية، الوضع الذي زاد من تعقيده استضافة إسبانيا لزعيم جبهة “البوليساريو” للعلاج على أرضها، ورفض تقديم توضيحات مقنعة للمغرب حول الموضوع.
وبينما أكدت منابر إعلامية إسبانية أن المغرب يسعى إلى الضغط على اسبانيا باستعمال ورقة الهجرة، قال متتبعون أن الوضع المقلق الذي تعيشه الأقاليم الشمالية، منذ إغلاق المعبر الحدودي مع سبتة المحتلة وإيقاف التهريب المعيشي، إضافة إلى تداعيات الوضعية الوبائية هو السبب الرئيس في انفجار موجات الهجرة الجماعية، والتي أصبحت تتم عبر السباحة.
مشاهد طوابير المهاجرين السريين المغاربة، وأعداد القاصرين والأطفال الذين وصلوا إلى مدينة سبتة يوم أمس (الاثنين)، خلفت موجة من الاستياء في صفوف المواطنين الذين انتقدوا عجز الحكومة وجهة طنجة تطوان الحسيمة عن إيجاد حلول عملية للمواطنين، مطالبين بفتح تحقيق في الموضوع وإقالة والي الجهة، محمد المهيدية، الذي أثبت فشله في إدارة الوضع بالجهة عامة وبمدينة المضيق على الخصوص.
وفي وقت تباينت فيه التفسيرات لما وقع من مشاهد الهجرة الجماعية، التي يحتمل أن تتكرر في غضون الأيام المقبلة، لم تحرك السلطات الإسبانية بدورها ساكنا في محاولة إيقاف مئات المهاجرين، أغلبهم مغاربة، وذلك ما أرجعته مصادر إعلامية إسبانية إلى صدمتها من الأعداد المتوافدة على المدينة، ما اضطر سلطات سبتة المحتلة إلى عقد اجتماعات طارئة بتنسيق مع حكومة مدريد لطلب الدعم وتعزيز قوات الأمن ونشر أفراد من الجيش داخل الأزقة والشوارع لمنع حدوث أي انفلات أمني مرتقب.
وانطلق مئات الأشخاص في تنفيذ عملية الهجرة الجماعية، عبر معبر بليونش ومن جهة تراخال، مستخدمين السباحة وقوارب مطاطية، بطريقة تطرح أسئلة عديدة حول سر تغاضي كلا من السلطات المغربية والإسبانية عن مراقبة الحدود والسماح لهذه الأعداد الهائلة بالتوافد على المدينة المحتلة.
وخلفت أحداث الهجرة الجماعية ليوم أمس، وفق صحف إسبانية محلية، وفاة شاب مغربي غرقا، بعد عجزه عن مقاومة أمواج شاطئ “تراخال”، وفشل محاولات إسعافه، ليتم إيداع جثته في مستودع أموات بمدينة سبتة المحتلة.
وبينما ما تزال الخارجية المغربية لم تخرج بأي تصريح حول الموضوع، أفادت وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، لصحف إسبانية، أن إسبانيا ستعمل على إعادة المهاجرين الذين دخلوا إلى سبتة بطريقة غير شرعية، مشيرة إلى أن الحكومة الإسبانية سترسل 200 من عناصر الأمن إلى سبتة المحتلة لتعزيز الوضع الأمني بالمدينة.
المتحدثة نفسها أوضحت أنها أجرت اتصالا بالسلطات المغربية، دون أن تكشف مضمون الاتصال، مشيرة إلى عدم تفهمها لهذه المخاطرة بحياة القاصرين كردة فعل على استقبال إبراهيم غالي، رئيس البوليساريو الانفصالية، مشددة على أن مسؤولية مراقبة الحدود، هي مشتركة بين الاتحاد الأوروبي ودول شمال إفريقيا.
وتشير معطيات إلى أن الوضع مقلق بمدينة سبتة المحتلة، التي تعاني من آثار إيقاف المغرب لسياسة التهريب المعيشي، ومن آثار جائحة كورونا، وهو الوضع الذي ازداد تعقيدا بوصول أكثر من ثلاثة آلاف ماجر، بينهم أسر كاملة ومراهقين أغلبهم مغاربة، عن طريق الهجرة السرية.