هل يحد التقارب المغربي التركي من عنجهية الاتحاد الأوروبي؟
بعد سنوات من الفتور عاد الانتعاش مرة أخرى إلى هذه العلاقات، تزامنا مع الأزمة الدبلوماسية التي دخلتها العلاقات المغربية الإسبانية، ولجوء الأخيرة إلى الاتحاد الأوروبي للضغط على المغرب، عبر ملف الهجرة واستغلال القاصرين، وهو ما استهجنه المغرب في أكثر من مناسبة كاشفا على الأسباب الحقيقية للأزمة مع إسبانيا، الحاملة لمواقف عدائية تجاه المغرب.
ويشكل التقارب المغربي التركي نقطة ضغط قوية في يد البلدين معا، ذلك أنهما من البلدان الأكثر ارتباطا بالاتحاد الأوروبي بحكم القرب الجغرافي، وكذلك من أكثر البلدان التي دخلت في مواجهات مع أوروبا حول مجموعة من القضايا أهمها الهجرة، مما قد يشكلا نقطة ضغط مهمة لإيقاف التعامل “العنجهي” لبلدان الاتحاد مع شركائها ومحاولة ابتزازهم.
وتزامنا مع تصاعد الأزمة المغربية الإسبانية، عقد كلا من ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية المغربي، ومولود تشاووش أوغلو، وزير الخارجية التركي، يوم أمس (الثلاثاء)، مباحثات أشاد خلالها الوزيران بعلاقات “الصداقة والشراكة الممتازة بين البلدين، كما اتفقا على ضرورة تفعيل آليات الحوار والتعاون وعقد لقاءات جديدة للحوار السياسي واللجنة المشتركة”.
ومن بين الرسائل الدالة في لقاء الخارجية المغربية والتركية، ترحيبهما “بتقارب وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”، مؤكدين “على أهمية استمرار التنسيق والتشاور بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، ولا سيما في ليبيا، والشرق الأوسط، والبحر الأبيض المتوسط”.
ولعل العلاقات مع الاتحاد الأوروبي تعد من أكثر الملفات المشتركة بين البلدين، خاصة وأن تركيا طالما طالبت بالانضمام إلى الاتحاد لتواجَه بالرفض من طرف مجموعة من البلدان، أهمها دولة ألمانيا، هذه الأخيرة التي دخلت علاقاتها مع المغرب أزمة غير مسبوقة.
من جهة أخرى المباحثات كانت فرصة للتأكيد على “أهمية توطيد الشراكة الاقتصادية من خلال وضع خارطة طريق تهدف إلى تشجيع الاستثمار والاستفادة من سلاسل القيمة الجديدة”، إذ وأعلن الطرفان عن “تنظيم منتدى اقتصادي على هامش اللجنة المشتركة المقبلة حول التجارة والاستثمار”.
ويعتبر ملف الهجرة أحد أبرز نقاط الضغط التي يمتلكها البلدين معا، خاصة وأن المسافة التي تفصلهما عن بلدان الاتحاد الأوروبي تجعلهما وجهة للراغبين في الهجرة وللاجئين، وهو ما يفرض تقديم تنازلات من طرف الاتحاد في علاقته مع كل الدولة ذلك أن لهجة التصعيد لن تكون في صالحه.
ومن جانب آخر فإن الانفتاح على العلاقات مع تركيا هو تكسير لنمطية التحالفات مع بلدان الاتحاد والغرب، خاصة وأن المغرب أصبح يؤمن بضرورة تنويع شراكاته وتحالفاته مع بلدان أخرى.
كما أن العلاقات المغربية التركية شهدت انتعاشا حذرا في الآونة الأخيرة، حيث أقبل المغرب على اقتناء أسلحة تركيا وارتفعت نسبة المبادلات الاقتصادية، وهو ما يحيل على أن مستقبل هذه العلاقات آخذ في التطور، ما يفرض على الاتحاد الأوروبي إعادة النظر في توجهاته مع الشركاء، خاصة وأنه لن يكون في صالحها فقدان بلدان حليفة بقيمة المغرب وتركيا.