نشر التفاؤل
بروكسيل – عادل الزعري الجابري
هل نحن ملزمون بالبقاء ملتصقين بشاشات التلفاز على نحو مستمر أو محذقين في هواتفنا الذكية، ونحن نستهلك الأخبار المثيرة للقلق المرتبطة بوباء فيروس كورونا، ومتابعة الأرقام المروعة أو النواح أمام تهاوي أسعار البترول؟ الجواب لا.
منظمة الصحة العالمية، كانت قد نصحت منذ بداية تفشي الوباء عبر العالم، بعدم الإفراط في استهلاك المعلومات المتعلقة بـ “كوفيد-19″، خوفا من الإصابة بأمراض أكثر خطورة، من قبيل الانهيار العصبي أو الوقوع في متلازمة رهاب الأخبار. إن نشر المعلومات الإيجابية هو دور الإعلام المسؤول. حيث يشمل هذا الدور في المقام الأول سد الطريق على الأخبار المغلوطة ومنح جرعة من التفاؤل من جهة ثانية، وذلك في هذا الجو الكارثي الذي لا يمكن أن يظل مستحوذا للأبد على أذهاننا.
فتسليط الضوء على حالات التعافي، والتحدث عن انخفاض منحى الوباء، من خلال أرقام ورسوم بيانية وربورتاجات، وإبراز مبادرات التضامن الرائعة أو الابتكارات المفيدة، والقيام باستقراءات لمرحلة ما بعد فيروس كورونا، والإشارة على الخصوص، إلى أن اقتصاداتنا المنيعة سبق لها المرور بمطبات أسوأ من ذلك بكثير، هي مواضيع شتى يمكن لوكالات الأنباء على سبيل المثال، تجميعها في باقة من “الأخبار الجيدة” وتقديمها لمستعلميها.
وعلى الأستوديوهات التلفزيونية، فعلت بعض القنوات ذلك، حيث يمكننا التخلي عن خدمات مروجي الكارثية الاقتصادية لاستدعاء محللي الأمل.
فإذا كان الوضع يبدو صعبا، فهو أيضا ليس ميؤوسا منه، حيث أن محرك الاقتصاد ظل على حاله. ففي بعض البلدان، يستمر في العمل بأقصى وتيرته، بينما في بلدان أخرى، يبدو أنه يشبه إضرابا كبيرا في كل من الإنتاج والاستهلاك. ولعل من محاسن هذا الوضع، أن الأزمة مكنت الكثير من البلدان في التفكير بشأن نماذجها الاقتصادية وإعادة توجيه صناعاتها نحو قطاعات أكثر نفعا. وفي المغرب، حيث تعكس مكافحة الوباء مثالا جيدا للصمود والتضامن، فإن السكينة والثقة اللتين كرستهما السلطات العمومية، من خلال قرارات قوية تروم في ذات الآن الحيلولة دون تفشي الفيروس والحفاظ على اقتصاد البلاد، كان لها أثر إيجابي على معنويات المواطنين.
وانخرطت وسائل الإعلام المسؤولة، هي الأخرى، في هذا الزخم الإيجابي، دون الرغبة في تقمص دور ملائكي أو تجاهل المستجدات، بينما اختار بعض صناع المحتوى على شبكات التواصل الاجتماعي نهج الفكاهة من أجل تكسير العزلة، طرد الملل ونشر التفاؤل. أما المواطن، فيفضل أن يكون يقظا على أن يظل قلقا. حيث ينبغي استهلاك المعلومات باعتدال وعلى فترات منتظمة. وما عدا ذلك، يتعين وضع الثقة في السلطات. فهي مجهزة بما يكفي لإخراجنا من هذه الأزمة.