بوطيب: التجربة المغربية في المجال الأمني تستند إلى استراتيجية ذات مقاربة مندمجة

أبرز الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية نور الدين بوطيب، أمس الأحد، في تونس العاصمة، أن التجربة المغربية في المجال الأمني تستند إلى رؤية عميقة للإستراتيجية المطبقة، سواء على المستوى المحلي أو في إطار التعاون وتبادل الخبرات والتكيف مع نوعية وتطور التهديدات الإرهابية.

وأوضح بوطيب في كلمة خلال أشغال الدورة السابعة والثلاثين لمجلس وزراء الداخلية العرب، أن هذه الاستراتيجية تقوم على “مقاربة مندمجة، ترتكز على محاور رئيسية تتعلق بالجانب التشريعي والديني والاجتماعي والجانب الأمني”، مشيرا إلى أنها “جعلت من التكوين على حقوق الإنسان مكونا أساسيا في الخطة الأمنية”.

وأشار إلى أنه تم في الجانب التشريعي “تحيين الترسانة القانونية بإدخال تعديلات مهمة على القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، همت تمويل الإرهاب والإشادة به، وتجريم تبييض الأموال، والدعاية للتنظيمات الإرهابية وقادتها، وتجريم الالتحاق أو محاولة الالتحاق بالجماعات الإرهابية”.

وبخصوص الجانب الديني، أبرز بوطيب أن “هيكلة إصلاح الحقل الديني تعتبر من أهم محاور الإستراتيجية التي عملت الدولة على بلورة أركانها، بشكل يسمح لبلادنا بوضع العقيدة بمنأى عن كل مزايدة سياسية”.

وأضاف أنه “من أجل ضمان تنفيذ أمثل لهذه المقاربة، تم إيلاء العنصر البشري العناية اللازمة ضمن المنظومة الدينية، وذلك من خلال تكوين مؤطرين دينيين من علماء وأئمة واعين بمقاصد الدين ومصالح الأمة”.

وأبرز أن هذه “المقاربة الدينية مكنت من إشعاع دولي جعلها محط اهتمام العديد من الدول الصديقة التي طلبت الاستفادة من هذه التجربة، خاصة في تكوين الأطر الدينية لنشر القيم المعتدلة للدين الإسلامي بعيدا عن كل قراءة متشددة”.

وأشار من جانب آخر إلى أن “الجانب الاجتماعي كان له دور في هذه المقاربة من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أعطى انطلاقتها الملك محمد السادس سنة 2005″، مبرزا أن هذه المبادرة التي وصلت مرحلتها الثالثة “أعطت نتائج ملموسة مكنت من تحسين ظروف عيش العديد من المواطنين ودعم الفئات الاجتماعية في وضعية صعبة”.

وبخصوص الجانب الأمني، أوضح بوطيب أن “السلطات الحكومية وضعت إستراتيجية أمنية من أجل حماية وضمان سلامة المواطن في شخصه وممتلكاته والحفاظ على الاستقرار وتعزيزالشعور بالأمن وسط المواطنين”.

وفي ما يتعلق بنشاط الجماعات الإرهابية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من المنتديات التي تنشر خطابات تدعو إلى التشدد والتطرف، أبرز السيد بوطيب أن هذه الاستراتيجية “اعتمدت على آليات وتقنيات حديثة لمواكبة تحركات الخلايا الإرهابية ورصد الوسائل المستعملة لتسويق خطابها المتطرف بغية استقطاب الشباب”.

وعلى مستوى تمويل الأعمال الإرهابية، أكد السيد بوطيب أنه “تم إيلاء العناية الكافية لدور وحدة معالجة المعلومات المالية المحدثة سنة 2008 والتي تضطلع بمهمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وكذا الشبكات المالية غير المشروعة”.

وعلى صعيد آخر، أكد بوطيب أن “المملكة المغربية ما فتئت تدعو إلى تعزيز سبل التعاون الدولي والإقليمي من خلال إبرام العديد من الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف في مجال الأمن ومحاربة الإرهاب، وكذا من خلال المشاركة الفعلية في أشغال العديد من المنتديات والمنظمات الدولية المهتمة بهذه الظاهرة”.

وأشار في هذا السياق إلى “دور المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي يتقاسم المغرب رئاسته مع كندا، في فهم مسارات هذه الآفة العالمية، ووضع سياسات فعالة وتدابير ملموسة لمعالجتها، خاصة ما يرتبط بقضايا مهمة مثل ظاهرة المقاتلين الأجانب، وحماية الأهداف الحساسة واستخدام الانترنيت من قبل الإرهابيين”.

وبخصوص ظاهرة الهجرة، أبرز ابوطيب أن “المملكة مستعدة لاقتسام تجربتها الرائدة في مجال تدبير الهجرة، حيث اكتسب المغرب خبرة متميزة جعلته نموذجا يحتذى به على الصعيدين الدولي والجهوي، بفضل المبادرة الملكية السامية في شتنبر 2013، المتمثلة في الإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء ذات البعد الإنساني والحقوقي”.

وأشار إلى أن المبادرات السامية للملك في هذا الميدان باعتباره رائد الهجرة في إفريقيا، “كرست دينامية جديدة على المستوى الإفريقي توجت بإحداث المرصد الإفريقي للهجرة الموجود في الرباط”.

تجدر الإشارة إلى أن المغرب كان ممثلا في أشغال هذه الدورة، بوفد ترأسه السيد نور الدين بوطيب الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، وضم السيد إدريس الجواهري الوالي المدير العام للشؤون الداخلية، والسيد محمد مفكر الوالي مدير التعاون الدولي بوزارة الداخلية.

وقد ناقشت هذه الدورة، التي حضرها عدد من وزراء الداخلية في الدول العربية، ووفود أمنية رفيعة، تقرير الأمين العام للمجلس عن أعمال الأمانة العامة بين الدورتين 36 و37، وكذا تقرير رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية عن أعمال الجامعة بين الدورتين المذكورتين.

ومن أبرز المواضيع التي درستها الدورة أيضا إعادة النظر في معايير الإدراج والشطب على القائمة السوداء العربية لمنفذي ومدبري وممولي الأعمال الإرهابية، وإنشاء فريق عمل لرصد التهديدات الإرهابية والتحليل الفوري للأعمال الإرهابية.

كما ناقشت الدورة التوصيات الصادرة عن المؤتمرات والاجتماعات التي انعقدت في نطاق الأمانة العامة خلال عام 2019، ونتائج الاجتماعات المشتركة مع الهيئات العربية والدولية خلال عام 2019، إضافة إلى عدد من المواضيع الأخرى الهامة.

وحضر أشغال هذه الدورة ممثلون عن جامعة الدول العربية، واتحاد المغرب العربي، واتحاد إذاعات الدول العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، والاتحاد الأوروبي، والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية “الأنتربول”.

كما حضر أشغال الدورة وفد عن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ومنظمة اليوروبول، ومشروع مكافحة الإرهاب لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية والاتحاد الرياضي العربي للشرطة.

 

قد يعجبك أيضا
اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.