هل يتجه أخنوش إلى “أحررة” المغرب؟
شكلت السنة الانتخابية 2021 فرصة مواتية لحزب التجمع الوطني للأحرار لبسط هيمنته، من خلال اكتساحه نتائج الانتخابات وبسط سيطرته على المجالس المنتخبة، معتمدا في ذلك على قوة عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المعين، الذي خلط بين المال والسياسة، متجاوزا بذلك جل منافسيه، لاسيما الإسلاميين الذين أصابهم الوهن، وانتقل بحزبه من المرتبة الرابعة إلى الأولى على كل الواجهات، ما جعل سؤال “أحررة” المغرب يطرح بقوة مثلما طرح قبله سؤال “الأسلمة”.
بداية هيمنة حزب التجمع الوطني للأحرار، ظهرت مع إعلان النتائج العامة لانتخابات ممثلي المأجورين في القطاعين العام والخاص، بعدما استطاعت نقابة الاتحاد المغربي للشغل، التي لقيت دعما مباشرا من “الأحرار” التقدم على منافساتها بـ 7362 أي ما يشكل نسبة 15.48 في المائة، وكانت العلاقة بين الاثنين قد بدأت منذ إعادة انتخاب الميلودي موخاريق على رأس النقابة، الذي كان عزيز أخنوش حاضرا خلاله.
وجاءت انتخابات الغرف المهنية لترسل إشارات واضحة بأن القادم الانتخابي سيطبع بلون “الحمام”. ذلك أن حزب التجمع الوطني الأحرار، استطاع الفوز بـ 638 مقعدا أي بنسبة 28.61 بالمائة من مجموع المقاعد، مستطيعا بذلك الحصول على أرقام تضاعف ما حصل عليه مطارداه (“البام” 363 مقعدا، والاستقلال 360 مقعدا).
ورغم التقليل من أهمية نتائج الغرف المهنية، التي تمكن خلالها أخنوش من بسط نفوذه على أغلبية الغرف المهنية، والتأكيد على أن لا علاقة لها مع استحاقات 8 شتنبر، إلا أن الانتخابات المحلية والجهوية والتشريعية، جاءت لتجزم بأن أخنوش استطاع بالفعل طي صفحة الإسلاميين، وشرع في التأسيس لمرحلة مقبلة لبسط سيطرته على كل مفاصل التسيير بالمغرب.
وانتقل حزب “الحمامة” من الرتبة الرابعة إلى الرتبة الأولى، تاركا علامات استفهام كثيرة تطارد صعوده نحو قمة المشهد السياسي المغربي. ذلك ما يتجلى من خلال بسط الحزب نفوذه، ورئاسته الحكومة وتشكيله مختلف المجالس الجماعية والجهوية ومجالس العمالات والأقاليم على مقاسه، وهيمنته على مجلس النواب، في انتظار إعلان نتائج مجلس المستشارين التي يتوقع أن يهيمن عليها أيضا.
وإذا كانت الاتهامات بتوظيف المال وإغراق العملية السياسية به وشراء المنتخبين والمرشحين والضغط بشتى الطرق للفوز بالانتخابات مازالت تلاحق حزب التجمع الوطني للأحرار، إلا أنها لا تفسد عليه لذة النصر الكاسح الذي حققه خلال انتخابات 2021، ما دامت لم تتحول بعد إلى ملفات مسنودة بالحجج والبراهين ومعروضة أمام القضاء المغربي.
وبالإضافة إلى ذلك، أصبحت تخوفات البعض مشروعة من تغلغل حزب التجمع الوطني الأحرار في شتى مفاصل التسيير، مع ما يمكن أن يصحب ذلك من تغول وهيمنة مطلقة قد تضر بالمشهد السياسي المغربي، وتخل بميزان التوازنات السياسية مستقبلا، فهل يتجه أخنوش بالفعل إلى “أحررة” المغرب؟