هكذا ستنخفض ميزانية “البيجيدي” لأدنى مستوياتها

بعد الفشل الكبير لحزب العدالة والتنمية في الاستحقاقات الانتخابية الجهوية والجماعية والتشريعية، التي بوأته الرتبة الثامنة بـ 13 نائبا برلمانيا، ينتظر الحزب الإسلامي بالمغرب امتحان آخر، متعلق بتقهقر وضعه المالي وتراجع ميزانيته.

توقعات تراجع ميزانية حزب العدالة والتنمية، تستند إلى أن جل الموارد المالية التي استفاد منها “البيجيدي” سابقا، ستتأثر بنتائج الانتخابات، ويتوقع أن يفقد الحزب سيولة مالية مهمة تصل إلى حوالي 70 في المائة من موارده الحالية، والتي تجاوزت سنة 2017 أزيد 36 مليار. وعلى رأس الموارد المذكورة، التي ينتظر أن تتأثر، حصة الدعم العمومي المقدم من طرف الدولة للأحزاب السياسية، إذ سيتقلص بحوالي 80 في المائة، وفق تقديرات.

ويرجع ذلك، لأن هذا الدعم محدد، وفق القانون، بعدد المقاعد المحصل عليها في المؤسسات التمثيلية، والأصوات المعبر عنها. فحزب العدالة والتنمية تراجع من الحزب المتصدر بـ 125 مقعدا إلى الحزب الثامن بـ 13 مقعدا.

وللتدقيق أكثر، فالدعم العمومي يمنح، وفق المادة 32 من قانون الأحزاب السياسية، بناء على شروط محددة، إذ تخصص حصة سنوية جزافية للأحزاب السياسية، وتوزع بالتساوي فيما بينها؛ وتستفيد من مبلغ إضافي يعادل الحصة الجزافية السالفة الذكر الأحزاب السياسية التي حصلت على الأقل على نسبة 1 % دون أن تصل إلى نسبة 3 % من عدد الأصوات المعبر عنها في الانتخابات العامة التشريعية، برسم مجموع الدوائر الانتخابية المحلية”.

وإضافة إلى ما سبق، ووفق القانون نفسه “يخصص دعم سنوي للأحزاب السياسية التي حصلت على نسبة 3 % على الأقل من عدد الأصوات المعبر عنها في الانتخابات المشار إليها أعلاه، ويوزع هذا المبلغ على أساس عدد المقاعد وعدد الأصوات التي حصل عليها كل حزب سياسي خلال نفس الانتخابات”.

وإذا كان حزب العدالة والتنمية، سبق أن حدد سنة 2017 الموارد المالية في 36.272.152،83 درهم، تشكل منها الموارد الذاتية للمنتخبين المركزيين البرلمانيين وغيرهم نسبة 42.12 في المائة أي مبلغ 15.276.800،00 درهم، في حين يشكل دعم الدولة نسبة 57،88 في المئة أي مبلغ 20.995.352،83 درهم، فالنتائج المحققة خلال الانتخابات الأخيرة، تؤكد أن الموردين معا سيتراجعان بشكل كبير.

ويتوقع أن تتأثر مساهمة النواب البرلمانيين لحزب “البيجيدي” كثيرا، نظرا لتقلص عددهم، كما ستنعدم مساهمة الوزراء بعد إعلان الحزب اصطفافه في المعارضة، وستتأثر كذلك المساهمات المادية لرؤساء وأعضاء مجالس المقاطعات والجهات، إضافة إلى تأثر مساهمات الأعضاء والمنخرطين بسبب الاستقالات الجماعية التي عاشها الحزب في الفترة قبل الاستحقاقات الانتخابية، إذ ينعكس كل ذلك على ميزانية الحزب، وبالتالي على نشاطه السياسي والتأطيري.

ونتيجة لذلك، فإن نفقات الحزب ستتأثر هي الأخرى، ذلك أنها بلغت، وفق تصريح رسمي سابق، سنة 2017 إلى 36.272.152،83 درهم، خصصت منها نسبة 46,96 في المائة لدعم الهيئات المجالية للحزب، أي ما قيمته 17.035.800،00 درهم، فيما بلغت نسبة النفقات المركزية مبلغ 10.485.000،00 درهم، أي بنسبة 28،9 في المائة، وبلغت النفقات الوطنية، وبالخصوص المؤتمر الوطني، ميزانية 7.676.352،00 درهم أي بنسبة 21,16 من الميزانية العامة، كما حددت النفقات الطارئة في 1.075.000 درهم أي بنسبة 2،98في المائة.

وبينما يقبل “البيجيدي” على عقد مجلس وطني وكذا على تنظيم مؤتمر وطني في أقرب الآجال، فسيكون بحاجة إلى ميزانية مشابهة لميزانية 2017، ما لن يكون متاحا له مستقبلا، وسيجعل أي نشاط كيف ما كان مكلفا بالنسبة للحزب ومساهما في إنهاك ميزانيته في ظل ضعف الموارد المتوقع حصوله عليها.

وسيكون أمام “البيجيدي”، إلى جانب الدعم العمومي الذي سيتأثر بشكل بالغ، الانفتاح على مصادر التمويل الأخرى التي يتيحها القانون، ومنها الاعتماد على الهبات والوصايا والتبرعات النقدية أو العينية التي لا تتعدى، المبلغ الإجمالي أو القيمة الإجمالية لكل واحدة منها 600.000 درهم في السنة بالنسبة لكل متبرع، وعائدات استغلال العقارات المملوكة للحزب، والعائدات المرتبطة بالأنشطة الاجتماعية والثقافية للحزب، وعائدات استثمار أموال الحزب في المقاولات التي تصدر الصحف الناطقة باسمه، وفي مقاولات النشر والطباعة العاملة لحسابه، وعائدات الحساب البنكي الجاري للحزب.

وبذلك، سيكون حزب العدالة والتنمية أمام امتحان صعب على المستوى المالي، إلى جانب باقي الامتحانات التنظيمية والسياسية التي تنتظره في مقبل الأيام، لاسيما بعد الهزائم التي توالت على الحزب في كل الاستحقاقات الانتخابية التي مرت هذه السنة.

قد يعجبك أيضا
اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.