الغلوسي: شبكات فساد تغتني بالانتخابات
فضح محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، ما اعتبره شبكات تنتعش على الفساد والريع والنهب والرشوة، والتي تنسج علاقات متشعبة في مختلف الاتجاهات، تمكنها من توظيف الانتخابات في الولوج للمؤسسات التمثيلية للحفاظ “على استمرار كل أشكال المنافع والريع والامتيازات وتغذية أرصدتهم ومصالحهم المختلفة لمراكمة الثروة”.
وقال الغلوسي، في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، اليوم (الثلاثاء)، “المفسدون وناهبو المال العام وذوو السوابق الإجرامية، يبدعون كثيرا من أجل ضمان ولوجهم الدائم للمؤسسات التمثيلية”، موضحا أنهم يبنون “شبكات لامحدودة من العلاقات المتشعبة، التي تقف عائقا ضد أية تنمية أو تطور طبيعي للمدن، والتي تضمن ديمومة نفس النخب ونفس الوجوه وبأشكال مختلفة على التدبير المحلي.
ولفت المتحدث ذاته، كاشفا كيفية استثمار الانتخابات من طرف هذه الشبكات، إلى أن هذه النخب توظف العلاقات الأخطبوطية التي تتوفر عليها في “تقديم لوائح متعددة “للتنافس” في الانتخابات سواء تحت لواء أحزاب أخرى أو ما يسمى بلوائح المستقلين، وهي من تقوم بتحمل كافة “الأعباء” التي تتطلبها هذه العملية بما فيها تعبئة “الناخبين” للتصويت لفائدتها”.
وأوضح رئيس حماة المال العام الطريقة التي تعتمدها هذه الشبكات في الاغتناء “غير المشروع”، كاشفا على كونها تتبادل المعلومات والمعطيات الحصرية التي تسهل لهذه النخب الفاسدة الحصول على العقار العمومي بأثمنة رمزية تحت ذريعة الاستثمار، ومعرفة تصميم التهيئة مسبقا قبل خروجه لحيز الوجود. وأشار الغلوسي إلى هذه النخب تستثمر المعطيات المذكورة في الولوج إلى سوق العقار و”إبتزاز مالكيه بدعوى أنه لا يصلح لأي شيء وأنه مجرد عقار فلاحي والحال أنها على دراية بأن العقار سيصبح ضمن المجال الحضري وستصبح قيمته تسيل اللعاب ويستفيد من امتيازات متعددة وهي نفس النخب المحلية التي ستسهر على وضع تلك الامتيازات على طاولة التنفيذ”.
وأضاف الغلوسي أن “النخب الفاسدة وبحكم تلك العلاقات التي توفر لها كل شيءٍ وتستمد منها سلطتها وسطوتها تدرك جيدا موقع العقارات “المهملة” كتلك التي يملكها بعض الأجانب وغادروا المغرب منذ مدة طويلة وتلك التي يتوفى مالكوها دون أن يعرف أي وارث لهم، وهنا تلجأ هذه النخب الفاسدة إلى صناعة وثائق مزورة للسطو على هذه العقارات”.
وكشف الحقوقي ذاته أن “هذا التلاعب والتحايل يمتد إلى مجال الرخص الاستثنائية ورخص التعمير ورخص فتح المحلات التجارية واحتلال الملك العمومي وكراء الأسواق ومواقف السيارات والضريبة على الأراضي الحضرية العارية وغيرها من الضرائب الأخرى مع ما يصاحب ذلك من “دهن السير يسير”، مضيفا “هكذا تغتني هذه النخب بشكل غير مشروع”.
هذه النخب، وفق الغلوسي، “تغتني بوثيرة سريعة ودون أن تتعرض في يوم ما لأية محاسبة أو مساءلة وهو ما يجعل بعض أبناء الحي أو المدينة التي ينتمي إليها رموز هذه النخب الهجينة يبحثون عن سلوك نفس المسلك بحثا عن نعيم ينقذهم من الفقر والحرمان وهكذا تدور عجلة الفساد والريع وتصبح ثقافة في المجتمع وينظر إليها كقدر لا مفر منه ويصبح السلوك النزيه سلوكا شاذا بل ويعتبر صاحبه ساذجا ومغفلا لأنه لا يتقن لغة الهمزة!”.
وأورد المتحدث ذاته أن هذه النخب تعمل على توفير الشروط لضمان “البقاء في المواقع المدرة للثروة المشبوهة وضمان الإجماع على ذلك وتوفير كل الشروط التي تسهل استمرار تدفق المنافع والامتيازات فضلا عن محاصرة كل الأصوات التي قد تزعجها لاحقا”، وأشار الغلوسي إلى أن ذلك يشكل خطرا على الاستقرار الاجتماعي والأمن العام وعلى كل نماذج التنمية ويساهم في صناعة اليأس وهدم كل بصيص الأمل والثقة في المستقبل، داعيا إلى “تفكيك هذه الشبكات التي تنتعش على الفساد والريع والنهب والرشوة”.
وطالب الغلوسي “بتفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة والقطع مع الإفلات من العقاب واتخاذ تدابير وإجراءات شجاعة لمكافحة كل مظاهر الفساد والرشوة وإعادة النظر في قانون التصريح بالممتلكات وتجريم الإثراء غير المشروع وتفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وتعزيز دور المجتمع المدني والإعلام وكل مؤسسات الحكامة في تخليق الحياة العامة وقيام القضاء بدوره”.