لجنة برلمانية: هكذا فشلت ملايير الحكومة في النهوض بالتعليم الأولي

كشفت مجموعة العمل الموضوعاتية، المكلفة بتقييم السياسات العمومية حول التعليم الأولي، أسباب فشل كلا من مخطط الميثاق الوطني للتربية والتكوين والمخطط الاستعجالي في النهوض بالتعليم الأولي وتحقيق تعميمه ضمن الآجال المحددة، داعية إلى مراجعة نموذج التكوين الخاص بالتعليم الأولي خاصة مع سياق الجائحة، والاستثمار في التطوير والبحث عن أساليب تدريس مستقبلية لهذه الفئة من الأطفال.

وحدد تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية، الذي تتوفر صحيفة “أمزان24” على نسخة منه، مجموعة من الأسباب التي تقف وراء فشل مخططات، تؤكد المعطيات الرسمية أنها التهمت ملايير الدراهم من الميزانية العمومية دون أن تصل إلى تحقيق أهدافها.

وقال تقرير مجموعة العمل، التي ترأستها النائبة البرلمانية غيثة بدرون، أن هدف تعميم التعليم الأولي الذي حدده الميثاق الوطني في أفق سنة 2004 “لم يكن واقعيا”، معللا ذلك بأن البرمجة الزمنية لتنزيل الأهداف لم تأخذ بعين الاعتبار مجموعة من المحددات والإجراءات المواكبة.

وأشار التقرير إلى أن الميثاق أغفل السقف الزمني الضيق لتطبيق مقتضياته، التي تتطلب تنزيلا تشريعيا مؤطرا يضع الأسس القانونية للأهداف والغايات ويضع اللبنة الأولى للتطبيق، بالمقارنة مع حجم الحمولة المجتمعية للمشروع.

ولفت التقرير إلى أن التنصيص على الشراكة والتعاون مع مختلف الهيئات والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والجماعات الترابية، كآلية أساسية للنهوض بالتعليم عموما والتعليم الأولي خصوصا،” لم يؤطر من الناحية القانونية”.

وأضاف التقرير بأن توفير الموارد البشرية وتحسين مرجعيات البرامج والمناهج ومعايير التأطير والجودة والتقويم والتوجيه، بالإضافة الى الفضاءات الكافية لاستيعاب الأطفال غير المسجلين بالتعليم الأولي، شكل “سقفا عاليا مقارنة بالإمكانيات المتوفرة على مستوى بنيات تكوين الأطر والفترة اللازمة لإنجاز هذه التكوينات او الاحتياجات المتعلقة بتوفير الأطر التربوية”.

كما إن إعداد البرامج والمناهج البيداغوجية، يشير التقرير، تتطلب وقتا طويلا للإنجاز على خلاف الآجال التي حددها الميثاق لبلوغ هدف التعميم، مشددا كذلك على صعوبة توفير البنيات التحتية والفضاءات، بالنظر الى ثقل المساطر المتعلقة بالصفقات العمومية سواء ما تعلق بالبناء أو الإصلاح أو التجهيز.

التقرير نفسه شدد على أن من بين أسباب النواقص في الميثاق “غياب الزامية التعليم الأولي ضمن المقتضيات المحددة لهدف تعميم التعليم الأولي”، مشيرا إلى أن تحديد جدولة زمنية لفرض الزاميته، كان سيشكل دافعا أساسيا لدى كل الفاعلين داخل المنظومة والدفع بتسريع تنزيله، ولرفع تحدي إصلاح المنظومة التربوية.

الميثاق، وفق لمجموعة العمل، لم يراع في اعتماد آجال التعميم وضعية الأسر الاقتصادية والاجتماعية لتسهيل التحاق أبنائهم بالتعليم الأولي، من خلال الإجراءات التحفيزية سواء المالية أو العينية لفائدة الأسر المعوزة، كما أن الميثاق “لم يشمل تحقيق تكافؤ الفرص المجالي بالشكل المطلوب”.

وعلى مستوى مقارنة النوع لاحظت مجموعة العمل أن “بنود الميثاق جاءت عامة لا تفرق بين الذكور والاناث”، مؤكدة بأنه كان “يفترض من معدي الميثاق تخصيص حيز أكبر واهتمام أوفى لولوج الفتاة وخاصة القروية للتعليم الأولي”.

كما أن الميثاق، تضيف المجموعة، لم يضع في الشق المتعلق بالتعليم الأولي تدابير أو إجراءات تهم ذوي الاحتياجات الخاصة، إن على مستوى الولوج أو على مستوى ملائمة التعلمات، أو توفير الفضاءات الخاصة أو نمط التكوينات.

وبخصوص المخطط الاستعجالي، أفادت مجموعة العمل نفسها، أنه لم ينطلق من منظور جديد في مقاربته لقضايا المنظومة، وإنما سعى إلى تسريع وتيرة تنزيل مقتضيات الميثاق الوطني، خاصة بعدما أشارت العديد من التقارير إلى عدم بلوغ الأهداف المطرة في الميثاق الوطني.

وأوضحت مجموعة العمل أنه “رغم شروع وزارة التربية الوطنية في التنزيل القانوني والتنظيمي المؤطر لسياسات التعليم الأولي، ظلت هذه الترسانة قاصرة ولم تحط بكافة الجوانب المتعلقة بهذا النمط من التعليم سواء في فترة الميثاق الوطني أو المخطط الاستعجالي، مما ساهم في عدم تحقيق هدف تعميم التعليم الأولي.

وخلصت المجموعة الموضوعاتية إلى عدد من الاقتراحات الرامية إلى تحسين وتجويد السياسات العمومية في مجال التعليم الأولي، داعية إلى مراجعة نموذج التكوين الخاص بالتعليم الأولي خاصة مع سياق الجائحة، وتعزيز حكامة القطاع، وإرساء التوازن بين الوسطين الحضري والقروي، وتحديث الترسانة القانونية، وتأهيل البنيات والتجهيزات المدرسية، وعقد شراكات مع مختلف المتدخلين في القطاع، وتحسين وضعية وظروف اشتغال فئة المربيات والمربين، وتوفير التمويلات الضرورية، وإدماج الأطفال المهاجرين الأفارقة واللاجئين في منظومة التعليم الأولي.

وأكد التقرير على ضرورة إعادة النظر في المناهج والمقاربات التربوية، والتفكير في مفهوم التعليم المختلط المبني على الجمع بين التكوين الحضوري والحلول التكنولوجية التي تعمل على إشراك الآباء في تنمية أطفالهم، ودعا إلى بلورة سياسة تربوية دامجة.

قد يعجبك أيضا
اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.