شرفات أفيلال: ارتبكتُ لحظة “الزلزال السياسي” وهذه قصة جلبابي قُبيل الدروس الحسنية
فسحة رمضان.. طرائف عشتها لما كنت وزيرا
في خضم المسؤوليات التي تقلدوها على امتداد مسارهم السياسي، وخلال تدبيرهم قطاعات في حكومات متوالية، لم تخلُ مسيرة وزراء من لحظات طريفة، تركت بصمتها إلى جانب باقي لحظات الجدّ والمسؤولية، التي تفرضها طبيعة منصبهم.
لحظات انفلات من عقال البروتوكول، خلال لقاءات أو زيارات أو مناسبات مختلفة، تُظهر وجها آخرا للمسؤول الحكومي، تطفو فيها خفة الدم، وتسمو الدعابة بما لا يتناقض مع حساسية المنصب.
“طرائف عشتها لما كنت وزيرا”.. سلسلةُ حلقات ضمن فسحة رمضان، تكشف الوجه الآخر لوزراء سابقين، عاشوا لحظاتٍ علت فيها لغة الابتسامة على محياهم، بسبب طرافة مواقف عاشوها، أضحكت مرافقيهم والحاضرين معهم.
وبحكم حياة الوزراء السياسية، وارتباطها بالتدبير والتسيير، والنجاحات والإخفاقات، ارتأت صحيفة “أمَزان24″، أن تقدم لكم الجانب الخفي من شخصياتهم. لحظات تُحكى على لسانهم، يتقاسمون من خلالها جزءا من ذكرياتهم النادرة والطريفة.
شرفات أفيلال: ارتبكتُ لحظة الزلزال السياسي وهذه قصة جلبابي قُبيْل الدروس الحسنية
تحل شرفات أفيلال، كاتبة الدولة لدى وزير التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء المكلفة بالماء سابقا، وعضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، في ضيافة صحيفة “أمَزان24″، ضمن الحلقة الأولى من سلسة فسحة رمضان “طرائف عشتها لما كنت وزيرا”.
معروفٌ عنها حزمها وجدّيتها، فشرفات أفيلال مهندسة ابنة الحمامة البيضاء تطوان، خريجة المدرسة المحمدية للمهندسين. سيدة خبرت العمل السياسي منذ سن مبكرة، بعدما التحقت بحزب التقدم والاشتراكية، وتدرّجت داخله، إلى أن أصبحت عضوا في ديوانه السياسي، ثم نائبة برلمانية باسم الحزب سنة 2011. وجرى تعيينها وزيرة شهر أكتوبر سنة 2013، إلى أن غادرت الحكومة في غشت 2018، إثر قرار الملك حذف كتابة الدولة المكلفة بالماء.
في دردشة رمضانية، تحكي شرفات أفيلال، الوزيرة السابقة، لـ “أمَزان24” بعض المواقف الطريفة التي عاشتها خلال تقلدها المسؤولية الحكومية، تعكس الجانب الخفي من شخصيتها، الذي لا يعرفه عموم المغاربة.
كدتُ أتخلف عن حضور الدروس الحسنية بسبب جلبابي
عن موقف طريف عاشته، تحكي شرفات أفيلال لصحيفة “أمَزان24” قائلة: “كنتُ في أحد أيام شهر رمضان أزاول عملي بشكل عادي في مقر الوزارة. وكان مبرمجا حضوري الدروس الحسنية مساء ذلك اليوم، ما يعني أنه عليّ العودة إلى المنزل لتغيير ملابس العمل، وارتداء الجلباب الأبيض، للحضور به، كما هو معروف في مثل هذه المناسبات. عُدت إلى البيت قبيل الموعد المحدد سلفا، لتهيئ نفسي. غير أنني بمجرد ما وصلت، وجدتُ الباب مغلقا، واكتشفت أنني لا أحمل معي مفاتيح المنزل. والسيدة التي تساعدني في البيت غادرت. فكان موقفا لا أحسد عليه، تضيف الوزيرة ضاحكة.
تسترسل الوزيرة السابقة، وهي تروي تفاصيل الموقف قائلة: “حاولتُ الاتصال بالسيدة لأن المفاتيح كانت معها، لكن لم أوفق في ذلك، ما وضعني في موقف حرج، ولم أعرف ما يجب عليّ فعله في تلك اللحظة، بالنظر إلى طبيعة الدعوة والحاضرين فيها، خصوصا أنه لم يكن بإمكاني الاعتذار حينها، لأن موعد بدء الدرس الديني أوشك، والوقت كان متأخرا عن تقديم الاعتذار”.
“في تلك اللحظة أصابتني نوبة هستيرية”، تضيف أفيلال مبتسمة، وهي تستحضر كيف تفاعلت مع الحدث حينئذ، وتؤكد أن “ما زاد الوضع تعقيدا، هو أنه في الدروس الحسنية، تكون أماكن الحاضرين محددة بالأسماء، وليس سليما التغيب عن حدث رسمي كهذا. وحتى الاعتذار المتأخر لا يصح، لأنه يجب أن يكون قبل موعد انعقاد الدرس بمتسع من الوقت، حتى يتصرف الساهرون على تنظيمه، وتعويض الاسم المتغيب بغيره، وليس تقديم الاعتذار في اليوم نفسه، إضافة إلى أن الاعتذار عن الحضور، يجب أن يكون مبرَّرا بطارئ، كمرض أو وعكة صحية مفاجئة، أو مهمة خارج الوطن أو غيرها من الأسباب المقبولة في مثل هذه الدعوات.
تكمل الوزيرة وهي تتذكر ذلك ضاحكة، “بقيت حائرة لحظتها، ولم أعرف كيف أتصرف. هل أتصل لأعتذر عن عدم الحضور، وأخبر المعنيين الحقيقة، بأن المانع هو أن مساعدتي أخذت مفاتيح المنزل، وجلبابي يوجد في دولاب داخله ولم أتمكن من ولوجه أم ماذا؟. عموما تصرفت حينها، وتحوّل الموقف من الحرج الذي سببه لي حينها إلى موقف طريف أتذكره في كل حين، وهو من بين المواقف الطريفة التي عشتها أثناء تحملي المسؤولية الوزارية”، تقول الوزيرة شرفات أفيلال.
أربكتني الإنترنيت لحظة “الزلزال السياسي”
موقف طريف آخر وقعت فيه الوزيرة السابقة شرفات أفيلال، شهر أكتوبر سنة 2017، حينما جرى إعفاء وزراء ومسؤولين سامين، على خلفية نتائج التحقيقات في تعثر تنفيذ مشروع “الحسيمة منارة المتوسط”، الذي أعلن الملك انطلاقه في 2015.
وفي أول خرجة إعلامية لها بشأن الموضوع، تقول أفيلال: “كنتُ حينها في طريقي إلى زاكورة في إطار مهام وزارية، حين اندلعت احتجاجات بسبب الماء بالمنطقة. وكنا قد حضرنا لتدشين مشاريع بالمدينة، ولإجراء لقاءات واجتماعات مع رؤساء جماعات وممثلي السلطات ومسؤولين آخرين. وفي سياق الزيارة الرسمية، التي كانت مهمة وزارية أقوم بها، توصلت بخبر مفاجئ. ورغم أنه أربكني حينها، إلا أنه يمكن أن يصنَّف في خانة الأحداث الطريفة.
حدث ذلك، تضيف الوزيرة، حينما وصلت منعرجات جبال “تيشكا” في طريقي إلى زاكورة. فقد اتصل بي صحافيان لإبلاغي بأنه سيتم قريبا إعلان إقالة وزراء ومسؤولين، في سياق ما عُرف بـ “الزلزال السياسي”، الذي شهده المغرب، ولم يكن لي علم بالأسماء التي تمت إقالتها، لأن اللائحة لم تكن قد صدرت بعد، فبقيت حائرة، هل أكمل طريقي نحو زاكورة أم أعود أدراجي.
في تلك اللحظة، تضيف الوزيرة السابقة، “أحسست بشعور مختلف، وبالارتباك في الوقت نفسه. وبينما كنت أفكر وأتساءل هل سيكون اسمي ضمن لائحة الوزراء الذين سيتم إعفاؤهم أم لا؟ ومن هم هؤلاء الوزراء الذين سيتم إعفائهم؟ انقطع الربط بشبكة الإنترنيت بمجرد وصولنا طريق جبال “تيشكا” المعروفة بوعورتها، فازداد الموقف إرباكا”.
تحكي الوزيرة وهي تصف تلك اللحظات مضيفة “لم أستطع التعرف على لائحة الوزراء الذين تم إعفاؤهم. ووجدت نفسي حائرة، بين إكمال الطريق أو العودة”. توقفت ضيفة صحيفة “أمَزان24” عن الحكي وعلّقت: “لا أعرف هل يمكن الجزم بطرافة هذا الموقف أم لا، لكن بإمكاني اعتباره من المواقف الطريفة، التي عشتها أثناء تقلدي منصب وزيرة وأدائي مهامي الوزارية”.
استأنفت شرفات أفيلال قصتها، وأوردت أنها تمكنت أخيرا من التقاط شبكة الهاتف، وبمجرد ما ارتبط هاتفها من جديد بالإنترنيت، تمكنت من الاطلاع على لائحة الوزراء الذين استهدفهم الزلزال السياسي. وقالت: رغم تأكدي من أنني لم أكن معنية بقرار الإعفاء، لكن خروج كل من الرفيق الأمين العام للحزب، نبيل بن عبد الله، والرفيق الحسين الوردي من الحكومة، سبب لي هزّة نفسية حينها. فرغم إكمالي الطريق إلى زاكورة، وأدائي المهام التي كانت مبرمجة، إلا أن إقالة وزيرين من الحزب الذي أنتمي له أثر في نفسيتي، وكان التردد في البداية بين إكمال الطريق إلى زاكورة أم العودة، من بين المواقف التي بقيت عالقة في ذهني.