استعدادات رمضان.. تقاليد راسخة تأبى الزوال

تستعد الأسر لاستقبال شهر رمضان المبارك، من خلال وضع آخر اللمسات والترتيبات، التي تحمل بصمات الذاكرة والحنين للماضي من خلال ترسيخ التقاليد العريقة في معيش الأسر خلال شهر الصيام.

أجواء رمضان الاحتفالية، وإن عرفت تراجعا بالسنين الأخيرة، إلا أنها مازالت تصمد أمام عوادي الزمن، لترسم وجه حاضرة ذات طابع تراثي موصول الحلقات تحرص على إحياء يوميات الشهر الفضيل بنكهة خاصة.

ويبدأ الاستعداد لصيام شهر رمضان منذ منتصف شعبان، حيث تعكف الأسر على شراء ما تحتاج إليه من سلع ومواد غذائية أساسية، وتشهد الأسواق المحلية حركة غير عادية، مع تزايد الطلب على السلع التي تستهلكها، حيث تظهر العديد من المحلات الموسمية على طول الشوارع والأزقة، أبرزها “قبة السوق” الذي يعتبر القلب النابض للمدينة العتيقة تجاريا واقتصاديا وحضاريا وثقافيا.

ومن هذا الفضاء يحرص المغاربة على شراء الأثواب البيضاء التي تستعملها النسوة لخياطة أعلام ترفع فوق أسطح المنازل احتفاء برؤية الهلال، واقتناء كل ما يلزمهم لإحياء منتصف الشهر الكريم وليلة القدر ثم بعيد الفطر. كما تقتنى النساء الكسوة البيضاء الخاصة بالصائم الصغير (جلابة وسلهام وبلغة) والمواد الغذائية التي تستعمل في تهيئ خبز مدهون بالبيض ومملوءة بالزبيب واللوز والجوز تقدم له بهذه المناسبة، وكذا الزي التقليدي الذي يخصص للصبية التي تصوم لأول مرة، إضافة إلى اقتناء التاج الذي يوضع على رأسها احتفاء بها على نجاحها في تمثل القيم الاجتماعية والثقافية الأصيلة.

وقبل حلول هذا الشهر المبارك بأيام قليلة تشهد المساجد والزوايا عمليات تنظيف وإصلاح وترميم يقوم بها القيمون على المساجد وكذا العديد من المتطوعين والمحسنين. وتبدأ روحانيات الشهر الكريم لدى المغاربة بالتسابق على رؤية الهلال، من أجل الفوز بالسبق في رفع العلم الأبيض على سطح البيت طيلة الشهر. وتحمل هذه العادة مغزى احتدام التنافس الحميد بين العائلات المغاربة حول القيام بأعمال الخير تقربا لله عز وجل، وكذا الأمل في تنقية العباد من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.

وفي الأيام الأخيرة من شهر شعبان، ترتفع وتيرة الحركة بالفضاءات التجارية، وأبرزها قبة السوق ودراع اللوز، اللذان يعتبران اهم مراكز التسوق. وعلى غرار هذين التجمعيين التجاريين، تتقاطر مجموعة من ساكنة الأحياء الشعبية على الفضاءات التجارية للقرب، والتي اصبحت تنافس غيرها لما توفره من مواد أساسية بأثمان تفضيلية وجودة عالية، تعكف السيدات على اقتنائها من اجل الإعداد لموائد الإفطار التي تميز المائدة الرمضانية.

وبالموازاة مع هذه الفضاءات التجارية وسط المدينة، تلبي الأسواق الأسبوعية بالوسط القروي حاجيات ساكنة الجماعات القروية. وتعرف محلات بيع الزي التقليدي خلال الشهر الكريم رواجا ملحوظا يجسده حرص الأسر على ارتداء اللباس التقليدي الذي يشكل جزءا من الثقافة المحلية.

 

قد يعجبك أيضا
اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.