هل يتأخر المغرب في إطلاق خدمة “5G” لوقت أطول؟
أمام التسابق الذي يشهده العالم، نحو إطلاق تكنولوجيا الجيل الخامس (5G)، مازال المغرب متأخرا بسنوات، قبل الإقدام على خطوة مماثلة.
ففي الوقت الذي شرعت فرنسا في إطلاق خدمة الجيل الخامس، وقبلها الولايات المتحدة والصين وكوريا الجنوبية واسبانيا وألمانيا، لا تظهر أي بوادر لإطلاق هذه التكنولوجيا في الوقت الحالي بالمغرب، رغم التفاؤل الذي كان سابقا، بإمكانية إطلاقها نهاية سنة 2020.
ورغم تعبير شركات الاتصالات بالمغرب، عن استعدادها لإطلاقها تكنولوجيا الجيل الخامس، بل وتلهفها من أجل امتلاك هذه التقنية في سوق وطنية متعطشة لهذا الجديد، إلا أن المغرب مازال متخلفا عن الركب. وتؤكد معطيات أن الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، مازالت منكبة على دراسة الملف.
وتعمل الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات (ANRT)، على اقتراح شروط وأشكال استغلال تكنولوجيا الجيل الخامس من طرف شركات الاتصالات بالمغرب، وتعريف وتحضير مخططات إعادة تطوير الترددات، وتدقيق معايير الجودة التي يجب احترامها من طرف المشغلين وغيرها.
يأتي ذلك،بعدما كان المغرب قد أنعش آمال المغاربة، إثر موافقة الحكومة على الترخيص لشركة الاتصالات “هواوي”، بالشروع في إعداد البنية التحتية الخاصة بهذه الشبكة، إلا أن واقع الأمر يثبت أن المغرب مازال متأخرا. تؤكد معطيات أن تراخيص “ANRT” لن تقدم للشركات إلا في نهاية عام 2022، أو حتى عام 2023، إذ من المتوقع أن يتم إطلاق تكنولوجيا الجيل الخامس سنة 2024 أو 2025.
ورغم مراهنة المغرب على أن يكون أول بلد إفريقي يطلق هذه الخدمة، إلا أنه سيتعين على المغاربة الانتظار لبضع سنوات أخرى قبل استخدام هذه التكنولوجيا، التي توفر العديد من الميزات، ومنها السرعة العالية التي تتوفر عليها (من 10 إلى 50 مرة أسرع من 4G)، أي أنها ستتراوح ما بين 1 و10 جيغا بايت بالثانية، إلا أن هذه التكنولوجيا تتطلب أجهزة هاتف خاصة بها، مازالت غير متوفرة بكثرة.
تحديات “5G”
تواجه المغرب، في طريقه نحو إطلاق تكنولوجيات الجيل الخامس العديد من التحديات، منها توفير البنيات التحتية الملائمة لهذه التكنولوجية، والمسارعة إلى خلق الترددات، وتنظيم المنافسة بين شركات الاتصالات.
وتنضاف إلى ذلك، تحديات تشريعية، وأخرى على مستوى الإدارات العمومية، التي مازال الكثير منها غير قادر على تنفيذ الرقمنة بشكل كامل، رغم التوجيهات الحكومية، وما كشفته جائحة كورونا في هذا الجانب، ما يجعل التحدي الزمني قائما. ذلك أن المغرب يراهن على إطلاق هذه الخدمة خلال 2023.
وإلى جانب هذه الاعتبارات، يبرز جانب آخر يتعلق بالجودة، وكذلك ضمان إمكانية التوفر على هذه التكنولوجيا للجميع، بأثمنة تكون في متناول السوق المغربية، لاسيما أن أسعار الاتصالات غير متكافئة للغاية، وثمنها مرتفع بالنسبة إلى شرائح مهمة من المجتمع.
مخاوف من التكنولوجيا
بينما تزداد الحاجة إلى التكنولوجيا الجديدة، تناسلت بعض التخوفات من تقنية الجيل الخامس، منها من يقول بالتأثيرات البيئية المحتملة، وتأثيرها في صحة الأفراد، علاوة على حضور نظرية المؤامرة، التي اخترعت خلال الأشهر الماضية فكرة زراعة رقائق في جسم الإنسان عبر عملية التلقيح لمراقبته. غير أن هذه التخوفات لا توجد أي أسس أو أطروحات علمية تسندها.
وتثار نقطة أخرى متعلقة بالاستثمارات في هذه التكنولوجيا، إذ يرى البعض أنه من الأجدر توظيف الميزانية فيما يفيد المواطنين، بدل صرفها على هذه التكنولوجيا، وهي ملاحظات تفقد مكانتها بمجرد استحضار الفوائد الاقتصادية، التي يمكن أن تأتي بها على صعيد كافة القطاعات.
منافع الجيل الخامس
التقنية الجديدة لا تكتفي بتقديم منتوج جديد للاستخدام الفردي، بل إن التسابق نحوها مردّه إلى الفائدة الاقتصادية الكبيرة التي ستوفرها، لاسيما في ظل التحول الرقمي الذي شهده العالم، الذي يسارع المغرب الخطى لتنفيذه، حتى لا يبقى معزولا، ذلك أنه من المتوقع أن تتحول أغلب الأنشطة إلى الرقمية، وعلى رأسها التعليم والصحة وغيرها.
ويتوقع أن يكون لتقنية الجيل الخامس مزايا كبيرة في دعم الاقتصاد وتسهيل التواصل وتسريع نقل المعلومات، وبالتالي تقليل استغلال الطاقة، ودعم الدفع والتجارة الإلكترونيين، ما يسهل إنشاء شركات في مجال التكنولوجيا الرقمية وتشجيع الأفراد على استخدام الأنترنيت. كما يوفر الجيل الخامس “5G” القدرة اللازمة لتنمية أجيال جديدة من التطبيقات، الخدمات والفرص.
ومن المتوقع أن تدعم تكنولوجيات الجيل الخامس تطبيقات من قبيل المنازل والمباني الذكية والمدن الذكية والفيديو ثلاثي الأبعاد والعمل واللعب في الحوسبة السحابية والجراحة الطبية عن بُعد والواقع الافتراضي والواقع المزيد والاتصالات الكثيفة، والجودة الكبيرة للفيديوهات، والتحكم عن بعد، إضافة إلى العديد من الفوائد العملية والمنزلية الأخرى.
إضافة إلى ذلك، يتوقع أن تساعد تكنولوجيا الجيل الخامس أيضا في المجال الفلاحي، وفي تفادي تأثيرات التقلبات المناخية، إضافة إلى الاستفادة في المجال التجاري وباقي القطاعات الأخرى، التي يتم فيها الاعتماد على التقنيات التكنولوجية المتقدمة.
وعلاوة على ذلك، ينتظر أن يشكل سبق المغرب في إطلاق هذه التقنية أفريقيا فائدة كبيرة، لاسيما أنه سيراكم خبرة في هذا المجال، تمكنه من تقاسمها مع باقي الدول، ذلك أن المغرب يعد من البلدان المتقدمة إفريقيا في هذا الجانب.