تحليل.. لماذا يستغل بنكيران “الكِيف” لابتزاز حزبه؟
لم يكد موضوع الاستقالات التي تقدم بها مصطفى الرميد من الوزارة وإدريس الأزمي من رئاسة المجلس الوطني يطوى، حتى خرج عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق للحزب، ليزيد خلط الأوراق أمام سعد الدين العثماني، الأمين العام الحالي للحزب، مستغلا موضوع القنب الهندي كورقة ضغط.
وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه الجميع، أن يكون بنكيران بالنضج الكافي، ليستغل مكانته ورمزيته داخل الحزب، لصالح بث الاستقرار داخله وتجاوز الخلافات، على اعتبار أنه حزب يقود الأغلبية الحكومية في ظرفية حساسة تعيشها البلاد، حاول رئيس الحكومة السابق، أن يعود إلى المشهد من جديد، باللعب على التناقضات الداخلية و”ابتزاز” الأمانة العامة لحزبه من أجل انتزاع مكاسب سياسية داخل الحزب وخارجه.
وعلى الرغم من أن مشروع قانون تقنين زراعة القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية وعلمية، يعد مكسبا للحكومة الحالية، بالنظر إلى أنه يقدم حلا لواحد من أكثر المواضيع، التي كانت سببا في إحراج المغرب داخل المنتظم الدولي، إلا أن بنكيران، خارج القواعد التنظيمية وشروط اللياقة، هدد بالانسحاب من الحزب، إذا صادق نوابه على مشروع القانون، ليضع وزراء حزبه الذين سيجتمعون غذا (الخميس) للمصادقة على المشروع، بعدما تم إرجاء ذلك الأسبوع الماضي.
وبدل أن يلجأ بنكيران إلى النقاش الداخلي، للتأثير في موقف الحزب، قرر الخروج علنا، من خلال تسريب التزام كُتب على ورقة صغيرة وبخط اليد، وبطريقة تختزل حالة الغضب التي لا تليق بـ “زعيم” سياسي، معبرا عن “التزامه بتجميد عضويته في المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، إذا وافقت الأمانة العامة على المشروع، والانسحاب من التنظيم إذا صودق عليه في البرلمان”.
وقال بنكيران، في التزامه الكتابي: “إذا ما وافقت الأمانة العامة للحزب على تبني القانون المتعلق بالقنب الهندي “الكيف” المعروض على الحكومة، فإنني أجمد عضويتي في الحزب المذكور”، مضيفا: “في حالة ما إذا صادق ممثلو الحزب في البرلمان على القانون المذكور، فسأنسحب من هذا الحزب نهائيا”.
وخلف التلويح بالاستقالة، الذي استعمله بنكيران للضغط على الأمانة العامة لحزبه، موجة من الانتقادات من طرف متتبعين، اتهموه بمحاولة الركوب على الموجة رغبة في العودة إلى الأمانة العامة للحزب بعد إزاحة بنكيران، خصوصا أنها ليست المرة الأولى التي يحاول فيها بنكيران إحراج حزبه، إذ سبق أن تعامل بالطريقة نفسها عند المصادقة على القانون الإطار، الذي ضم بندا حول تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية.
وجرّ بنكيران الصف المؤيد له داخل الحزب، وسارع إلى إعلان تأييد بنكيران في خطوته، ومن أبرزهم حسن حمورو، القيادي في شبيبة العدالة والتنمية، الذي نشر تدوينة يعبّر فيها عن استعداده القيام بخطوة بنكيران، إضافة إلى العديد من الوجوه الأخرى لاسيما في الشبيبة، ما يفيد أن بنكيران نجح في بث الاضطراب داخل حزبه.
وبينما سبق لمصادر أن أكدت أن وزراء العدالة والتنمية، ليس لديهم أي اعتراض على مشروع قانون زراعة القنب الهندي، وأن تأجيل المصادقة عليه، يأتي لتعميق النقاش أكثر حول مضامينه فقط، جاءت خرجة بنكيران التي استعمل فيها عبارة “الحزب المذكور” لتخلط الأوراق أمامهم، وتضعهم في موقف محرج، يبتغي من خلاله بنكيران العودة إلى واجهة المشهد السياسي، لاسيما مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
وتجدر الإشارة، إلى أن عبد الإله بنكيران، سبق أن قاد مجموعة من التراجعات خلال ولايته الحكومية السابقة، التي كانت منافية لتوجه الحزب، كما أنه أيد قرارات اتخذتها حكومة العثماني، من بينها عودة العلاقات المغربية الإسرائيلية، بعدما كان موضوعا “محرما” على المراجعة داخل الحزب. فهل يراجع بنكيران موقفه من قانون تقنين القنب الهندي؟ أم أن وزراء الحزب وبرلمانييه سيتجاهلونه وسيصادقون على القانون الذي يراهن عليه الكثير من المزارعين لإنهاء أزمتهم الاجتماعية؟