عثمان الفردوس، رجل برز في المشهد السياسي قبل أن يختفي ثم يعود مرة أخرى، باقتراح من سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، خلفا للحسن عبيابة وزيرا للثقافة والشباب والرياضة. دخل حكومة العثماني في نسختها الأولى سنة 2017 كاتبا للدولة لدى وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي مكلفا بالاستثمار، باقتراح من محمد ساجد الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، ثم غادرها منها بإعفاء ملكي سنة 2018.
تشرّب الشاب عثمان الفردوس، قواعد السياسة والاهتمام بالشأن العام على يد أبيه عبد الله الفردوس، القيادي في حزب الاتحاد الدستوري، إذ ظل طيلة فترات حياته مهتما بالسياسة ونقاشاتها. وعلى الرغم من أن رياح البحث العلمي جرّته إلى عالم التسيير والاقتصاد والاستثمار، إلا أن الهوى الذي انغرس فيه منذ الطفولة لم يفارقه.
وصفته مجلة “جون أفريك” بالرجل المحافظ وذو الكاريزما، وهو ابن مدينة الدار البيضاء من مواليد سنة 1979. وعلى الرغم من سفره، إلا أنه بقي وفيا لهذه المدينة حتى عاد ليستقر بها رفقة زوجته وابنيه.
الشاب عثمان الفردوس، حظي بثقة ملكية ليتسلم حقيبة وزارية، في ظرفية أبرز معالمها استشراء وباء كورونا، الذي أصبح يطرح مشاكل صحية واقتصادية عويصة أمام المغرب.
عثمان المنتمي لحزب الاتحاد الدستوري على نهج والده، كان بعيدا عن الأضواء، حتى برز في حكومة العثماني في نسختها الأولى. هو من مناصري القضية الفلسطينية التي تجاوز تعلقه بها حدود العاطفة إلى مستوى البحث في جذورها التاريخية والمسار الذي قطعته إلى الآن، كما سبق أن سافر إلى فلسطين سنة 2006، رفقة زملائه في الدراسة.
هو عارف جيد بعالم الاستثمار وبالملف الاقتصادي، وله دراية أيضا بعالم الإعلام والتواصل، ما جعله مراكما لعلاقات كبيرة، ومتقنا لأساليب النقاش وتقبل الرأي والرأي الأخر.
طالب علم من “كازا” إلى فرنسا
حصل عثمان على شهادة البكالوريا سنة 1997 من ثانوية اليوطي، إحدى مدارس البعثة الفرنسية الأكثر حظوة بالمغرب، ليسافر الشاب حينها إلى مدينة نانت بفرنسا، حيث سيتابع دراسته العليا في مجال التسيير، ابتداء من سنة 2000، قبل أن ينال دبلوما من المدرسة العليا للتجارة والتسيير (نانت-أطلانتيك).
استمر الفردوس في مساره العلمي ليحصل على شهادة ماستر في الصحافة (2005-2007) من معهد الدراسات السياسية بباريس، وعلى شهادة ماستر تنفيذي من المدرسة الوطنية للإدارة سنة 2016، سلك الدراسات العليا الأوروبية، كما حصل على شهادة جامعية في الصحافة.
اشتهر كذلك بالبحث العلمي وكتابة مقالات رصينة، إذ سبق أن كتب مقالا تحت عنوان “ترجمة ياد فاشيم للعربية”، يدافع فيه عن ضرورة اعتماد اللغة العربية في المتحف الذي يضم عددا من المرافق، أهمها مركز يعرض ملايين الوثائق وآلاف الصور التي تتحدث عن “الهولوكوست”.
كما نشر دراستين بعنوان “النتائج غير المتوقعة لمعاهدة لشبونة حول السياسة الأوروبية للمغرب”، و”خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقصور الرؤية المقلق لإستراتيجية بروكسيل بالبحر الأبيض المتوسط”، الشيء الذي جعل منه رجلا متعدد الاهتمامات، جامعا بين العلم والسياسة ومتمكنا من قواعد الاقتصاد وأدبيات الإعلام والتواصل.
من الاستشارة إلى الوزارة
بدأ عثمان الفردوس مسيرته العملية كمستشار مدقق بمؤسسة “برايس واتر هاوس كووبرز” بباريس ما بين 2003 و2006، ثم تولى منصب مدير مكلف بمهمة بمكتب الاستشارة “مينا ميديا كونسولتين” بالرباط ما بين 2008 و2016، وشغل بعدها منذ يوليوز 2016 منصب مسير لمكتب “أوروبا كونساي” بالدار البيضاء.
وتولى عثمان رئاسة نادي جبل طارق “كلوب جيبرالتار.org” منذ يناير 2017، وهو دائرة تفكير موجهة لتحفيز انخراط المغرب الكبير في المشروع الأوربي. كما تولى مهام الكاتب العام لجمعية خريجي العلوم السياسية بالمغرب ما بين 2012 و2016.
عينه الملك محمد السادس، بتاريخ 5 أبريل 2017، كاتبا للدولة لدى وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي مكلف بالاستثمار وتم إعفاءه في 2018، ليعود من جديد إلى حكومة العثماني في نسختها المعدلة.
الفردوس رحل كاتبا للدولة وعاد وزيرا للثقافة والشباب والرياضة، في ظرفية اقتصادية وصحية دقيقة عبر ربوع العالم كله. فهل سيتوفق في مهمته ويستفيد من أخطاء سلفه عبيابة؟