هل يغلق كورونا ملفي اختلالات الهرهورة واختلاس 9 ملايير؟
رغم أن ملفات جرائم الأموال، تحظى باهتمام بالغ، إلا أن طول مساطر التحقيق وتأخر البت فيها يحمل أحيانا مفاجآت، منها وفاة المتهمين فيها، ما يفوّت فرصة محاسبتهم، ويترك أسئلة معلقة حول مآل الأموال المبددة والمختلسة.
النقاش حول مصير ملفات جرائم المال العام التي توفي المتهمين فيها، أثير من جديد بعد وفاة عمر الجزولي، العمدة السابق لمدينة مراكش، وفوزي بنعلال، الرئيس السابق لجماعة الهرهورة، متأثرين بإصابتهما بفيروس كورونا. فقد كانا متابعين في قضايا تتعلق بجرائم المال العام، ما أثار أسئلة حول مصير الملفين، وما إن كان التحقيق فيهما سيستمر أم سيطوى نهائيا.
ففي السياق ذاته، كشف محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، في تصريح لصحيفة “أمَزان24″، أنه في حالة وفاة المتهم الرئيسي في الملف، فالمقتضيات القانونية تنص على إسقاط الدعوى العمومية تلقائيا، في حين تتم متابعة باقي المتورطين في الملف، ومواصلة التحقيق معهم في المنسوب إليهم من تهم.
وأفاد الغلوسي، أن مثل هذه القضايا تفترض مساءلة السلطة القضائية ودورها في تخليق الحياة العامة، ومكافحة الفساد والإفلات من العقاب من جهة، ومن جهة ثانية مساءلتها من حيث النجاعة القضائية، مؤكدا أن هذه الأحكام يجب أن تصدر داخل أمد معقول طبقا للمقتضيات الدستورية في هذا الباب.
ولفت الغلوسي، إلى أن المقتضيات القانونية تنص على أن القضاء يجب أن يصدر أحكامه داخل أجل معقول، لكن عدم صدور الحكم في الآجال المعقولة يجعل هذه الملفات تعمر لمدة طويلة أمام المحاكم، في حين أن الغاية من تحريك المتابعات وفتح الملفات هو تحقيق نوع من الردع الخاص والردع العام، الذي لا يتحقق مع استغراق هذه الملفات لأمد طويل، وهو ما يشكل هدرا للزمن القضائي دون أية نجاعة وفعالية.
وفيما يتعلق بالقضيتين المذكورتين، أشار رئيس جمعية حماية المال العام، إلى أن هذه الملفات لم يتم الحسم فيها بعد، مؤكدا أنه فيما يتعلق بسوق الجملة الذي صرفت عليه 9 ملايير، مازال في مرحلة التحقيق، أما فيما يتعلق بملف الهرهورة فمازال أمام النيابة العامة”.
وبعيدا عن مصير متابعة الشخص المتوفي، أمر آخر، بالنسبة للغلوسي، تثيره مثل هذه الأحداث، يتعلق بالصعوبات المتعددة التي تعترض ملفات جرائم الأموال، ومن ضمنها ما يتعلق بالزمن القضائي للبث في هذه القضايا، مشيرا إلى أنها تستغرق وقتا طويلا أمام البحث التمهيدي الذي تقوم به الشرطة القضائية المختصة، قبل أن يحال الملف على النيابة العامة لدى وكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف.
ومن جهة أخرى، لفت الغلوسي إلى وجود أربعة محاكم استئناف فقط مختصة في جرائم الأموال في المغرب، معتبرا أن هذا يشكل بحد ذاته مشكلا، بالنظر لكون الاختصاص القضائي الذي يمكنه البث في هذه الجرائم عبر التراب الوطني ينحصر في أربعة محاكم فقط، مع العلم أن هذه الجرائم كثيرة ومتنوعة. المتحدث ذاته، تابع قائلا إن الملف يحال على الوكيل العام الذي يطالب بإجراء تحقيق، وإحالة الملف على قاضي التحقيق، ويستغرق الملف بدوره مدة طويلة، ويحال بعد ذلك على غرفة الجنايات الابتدائية لمحاكمة المتورطين.
وطالب المحامي والناشط الحقوقي، السلطة القضائية بأن تتحمل كامل المسؤولية في مكافحة الفساد، انطلاقا من أدوارها الدستورية والقانونية في مكافحة الفساد، مضيفا أنه على رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية والرئيس الأول لدى محكمة النقض أن يبادروا إلى القيام بدورهم فيما يتعلق باحترام الآجال القانونية المعقولة للبت في هذه الملفات.
وتجدر الإشارة إلى أن جمعية حماية المال العام سبق أن قدمت شكاية ضد العمدة السابق لمراكش عمر الجزولي، وموظفين جماعيين، للتحقيق في ملف سوق الجملة الذي شابته اختلالات وتلاعبات، وطالبت الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط بفتح تحقيق في الخروقات التي سجلتها لجنة التفتيش لوزارة الداخلية بشأن تدبير جماعة الهرهورة، وبالتحقيق مع رئيس جماعة الهرهورة السابق فوزي بنعلال.
*صحافية متدربة