كلفت الملايير.. هذه خروقات صفقات وزارة الصحة خلال الجائحة
كما كان متوقعا، كشف تقرير برلماني أعدته المهمة الاستطلاعية حول صفقات وزارة الصحة خلال الجائحة، عن معطيات مثيرة تؤكد وجود خروقات وشبهات فساد واختلالات في هذه الصفقات التي أبرمت خارج المساطر المتعارف عليها بسبب الظروف الصحية التي فرضتها الجائحة.
وكشف التقرير البرلماني، عن وجود اختلالات شابت تدبير الصفقات التفاوضية للوزارة، والتي بلغت 333 صفقة، وكلفت أزيد من ثلاثة ملايير درهم، ومنها اقتناء مستلزمات طبية ومستحضرات لشركات مجهولة لا تتوفر على شواهد التسجيل، وازدواجية تعامل الوزارة مع طلبات تسجيل المقاولات، وضربها قواعد المنافسة الحرة والنزيهة، واقتناء كواشف طبية منتهية الصلاحية، واشتغال مقاولات في مجال الأدوية والتجهيزات الطبية دون تراخيص، وغيرها من الخروقات.
التقرير ذاته أكد أنه “على الرغم من أن القانون يمنع المقاولات غير المصرح بها وغير المسجلة لدى وزارة الصحة من الاشتغال في سوق الدواء والمستلزمات الطبية، إلا أن المهمة الاستطلاعية وقفت على خروقات قانونية واضحة في هذا المجال”.
وكشف التقرير أن الوزارة منحت صفقات لشركات غير مرخصة، بلغ عددها 45، ذكرها التقرير بالأسماء، في الوقت الذي لم تمنح فيه شركات أخرى التراخيص الاستثنائية خلال الجائحة رغم تقدمها بطلبات منذ فترة طويلة، “ما يعني حرمان شركات أخرى من التصريحات الاستثنائية خلال فترة الجائحة، ويؤكد بشكل لا لبس فيه على محاباة بعض الشركات على حساب أخرى في الطلبيات العمومية”.
وأوضح التقرير أن الوزارة لجأت عند تعاقدها مع الموردين إلى تسريع مساطر الترخيص الاستثنائي وإصدار ترخيصات مستعجلة أو لاحقة على إبرام الصفقة لفائدة الشركات المستفيدة، في حين أن جزءا كبيرا من المهنيين كانوا يحتجون باستمرار على تجميد وتعطيل ملفاتهم لدى مديرية الأدوية، مما حرمهم من المشاركة في هذه الطلبيات.
كما أفاد تقرير المهمة الاستطلاعية أنه إضافة إلى محاباة بعض الشركات، أبرمت الوزارة صفقات لاقتناء مستلزمات طبية دون تحديد المواصفات الدقيقة والمطلوبة ودون الوقوف على فعاليتها، مثل كاميرات حرارية وألبسة طبية لا يمكن معرفة ما إذا كانت صالحة أم لا.
كما وقف التقرير على أن الوزارة تأخرت في إبرام وتنفيذ الصفقات، بشكل عطل السلطات الصحية عن مواجهة الجائحة في الوقت المناسب على الرغم من منحها الطابع الاستثنائي للجوء للطلبيات العمومية، وهو ما يعرض صحة المواطنين والعاملين للخطر إزاء هذا التأخر غير المبرر.
وأبرز التقرير أن الوزارة تجاوزت الاعتمادات المالية المتفق بشأنها والمتضمنة في الاتفاقية مع الوكالة المغربية للتعاون الدولي، مما يمثل تجاوزا واضحا لحجم الترخيص الحكومي المسموح به، إضافة إلى التحايل للحصول على المزيد من الأموال.
وأفاد التقرير أن درجة حماية الكمامات الجراحية مجهول لحد الآن، فالوزارة لم تمنح أي شهادة تسجيل للكمامات الجراحية منذ بداية الجائحة، ولم يتم منح أي اعتماد قانوني للشركات المصنعة، وهو ما يعرض سلامة الأطر الصحية للخطر، وهي تعتقد أن نسبة حماية الكمامات هي 90 في المائة، في حين أن نسبة الحماية الحقيقية غير معروفة.
وأفاد التقرير أن صفقات اقتناء المعقمات بدورها لم تسلم من شبهات الفساد بشكل يعرض سلامة الأطر الصحية والمواطنين للخطر، مشيرا إلى مؤسسات استشفائية تابعة لوزارة الصحة بادرت إلى التعاقد مع شركات غير مرخصة، وفي بعض الحالات تم سحب المعقم من السوق أو توقيف إنتاجه بعد الانتقادات، فضلا عن الاختلالات القانونية والمحاباة التي شابت صفقات هذا المنتوج.
وأكدت المهمة الاستطلاعية أن الوزارة تعاقدت مع شركات غير مسجلة في اقتناء معقمات كحولية لا تستجيب لشروط الصحة والسلامة، مما يشير إلى وجود تبديد للمال العام، وتعريض صحة وسلامة وحياة الأطر الصحية وعموم المواطنين لمخاطر حقيقية.
وتأخرت وزارة الصحة، وفق التقرير، في إبرام صفقات تتعلق بالأكسجين رغم أن الحاجة كانت ملحة نظرا لتزايد الطلب وارتفاع الضغط على أسرة الإنعاش، مما جعل بعض الأسر تلجأ لاقتناء أجهزة وتشغيلها في المنزل، في وقت عانت فيه المستشفيات من نقص الأكسجين بشكل من شأنه التسبب في ارتفاع الوفيات.
وفيما يخص صفقات الكشوفات وتحاليل كوفيد19، فعرفت بدورها اختلالات عديدة، إذ كشف التقرير أن الصفقة التفاوضية رقم 29 تكمت بمبلغ يفوق 21 مليار سنتيم، وذلك لاقتناء الكواشف والتحاليل السيرولوجية، غير أنه تم أداء مبلغ 158 مليون درهم منها ولا يعرف مآل باقي الصفقة إلى حد الآن”.
وعلاقة بالكشوفات الطبية أوضح التقرير وجود “اختلالات كبيرة تتعلق بتاريخ صلاحية الكواشف”، التي كشفت مراسلات أن شبه منتهية الصلاحية، إذ لا تتعدى مدة صلاحيتها شهرين، والمثير أن الوزارة عادت لعقد صفقات مع الشركة نفسها.