سياسيون ينشرون الجائحة
عادت المخاوف من نكسة وبائية جديدة لتتصاعد من جديد، بسبب حالة التراخي الجماعي التي أعقبت إجراءات التخفيف، بعدما تنفس المغاربة الصعداء، بعد أكثر من سنة ونصف من تشديد التدابير الاحترازية. وعوض أن يكون السياسيون المغاربة والأحزاب السياسية جزءا من الحل، أصبحوا جزءا من الأزمة.
فمن خلال تتبع أنشطة الأحزاب السياسية، والرسائل التي قدمتها الزعامات الحزبية بشأن الحالة الوبائية، في الآونة الأخيرة، اتضح أنها كانت من بين الأسباب المهمة في عودة مؤشر الخطر للارتفاع من جديد، مهددا المغاربة بقطع متعة العطلة الصيفية والعودة إلى إجراءات الإغلاق المشدد.
ومنذ إعلان التخفيف، سارعت الأحزاب السياسية ومجموعة من القيادات إلى تنظيم لقاءات مكثفة وحملات تواصلية مع المواطنين في الأماكن المكتظة، دون أي احترام للتدابير الصحية رغم تحذيرات السلطات، معبرة بذلك على أن التسابق نحو حشد الأصوات الانتخابية يتجاوز أولوية الصحة العامة في ممارستها السياسية.
وتابع الرأي العام، طيلة الفترة السابقة، مجموعة من الأنشطة الحزبية الداخلية والخارجية، التي خُرقت فيها التدابير الصحية، على مرأى ومسمع السلطات العمومية، إذ نظمت لقاءات حزبية بأعداد غفيرة، تتجاوز العدد المسموح به، داخل أماكن مكتظة، ونظمت أنشطة تواصلية مع المواطنين دون أي احترام للتدابير.
كما أن السياسيين في العديد من المناسبات والأنشطة، ظهروا غير مكترثين بإجراءات السلامة الصحية، ودون وضع الكمامات أو احترام مسافة الأمان، الأمر الذي ساهم في نشر رسائل سلبية وسط المواطنون، بالنظر إلى أن القيادات الحزبية تشكل نوعا من القدوة في المجتمع، كما أنها قريبة من مصادر القرار وتعي حجم الخطورة، ولكنها على العكس من ذلك كانت مساهمة في حالة التراخي الجماعي التي تنذر بالكارثة.
إضافة إلى ما سبق، يبدو جليا أن الأحزاب السياسية استقالت من أدوارها الاجتماعية التوعوية في الفترة الأخيرة، إذ لم ينظم أي نشاط يدعو المواطنين إلى مواصلة احترام التدابير الصحية، أو توعيتهم بخطورة الكلفة الصحية والاقتصادية لارتفاع حالات الإصابة وعودة الحجر الصحي المشدد من الجديد.
ويشار إلى أن تكثيف الأحزاب السياسية من أنشطتها في الآونة الأخيرة، يأتي استعدادا للانتخابات التشريعية والجماعية والجهوية المرتقب إجراؤها في الثامن من شتنبر المقبل، ما خلق نوعا من التسيب والتراخي الجماعي، عبر غياب الانضباط لتوجيهات السلطات الصحية.