هل تنتظر الأحزاب صدور النموذج التنموي لتعدّ برامجها الانتخابية؟
بينما يُنتظر أن تشهد مرحلة ما قبل الاستحقاقات الانتخابية تنافسا شرسا بين الأحزاب السياسية، موضوعه تقديم البرامج والرؤى السياسية المتباينة، وتعدد العروض السياسية المتوقع تنزيلها خلال المرحلة المقبلة، وحشد الناخبين على أساسها، يُلاحظ مهتمون بالشأن السياسي، أن أهم الأحزاب المغربية خلال هذه الفترة بعيدة عن هذا النوع من التدافع.
وتراجع نقاش البرامج السياسية على حساب ارتفاع الجدل والاتهامات بين الفرقاء السياسيين، وأرجع مهتمون سبب ذلك إلى افتقار مختلف الأحزاب السياسية إلى أطر حقيقية ترصد اهتمامات المغاربة وتستشرف الحلول بناء على الإمكانيات القائمة، ما انعكس على المذكرات التي قدمتها الأحزاب للجنة النموذج التنموي، والتي غلب عليها الطابع الإنشائي وإعادة اجترار وثائق سابقة.
ويشكل غياب الأطر والكفاءات عن الأحزاب السياسية المغربية سببا مباشرا، إلى جانب أسباب أخرى، في ضعف القوة الاقتراحية على مستوى البرامج السياسية، ما نبه إليه الملك محمد السادس خلال المجلس الوزاري، ذلك أن التعديلات التي جاءت بها القوانين الانتخابية الجديدة، ركزت في جزء منها على الرفع من ميزانية الأحزاب وتخصيص حيز مهم منها للأطر والكفاءات، هذه الأخيرة التي تعد القادرة على تطوير برامج سياسية واقعية وطموحة.
وتشير معطيات إلى أن السبات الذي دخلته الأحزاب السياسية على مستوى البرامج السياسية، مرده إلى تأخر صدور تقرير لجنة النموذج التنموي الجديد، ذلك أن مختلف الأحزاب تنتظر أن تبني برامجها على ما ستأتي به اللجنة، حيث يتوقع أن تتنافس البرامج السياسية حول كيفية تنزيل النموذج التنموي.
وفي الوقت الذي انتظر فيه المغاربة تنافسا سياسيا حقيقيا على مستوى البرامج، اتضح أن هّم الأحزاب السياسية حول كيفية ضمان موقع لها واقتسام الأصوات الانتخابية، وذلك ما اتضح في كم الاتهامات والاتهامات المتبادلة التي شهدها نقاش استغلال الأعمال الإحسانية والإنسانية لاستمالة الناخبين سياسيا، وكذا نقاش القوانين الانتخابية والقاسم الانتخابي، إضافة إلى التسابق على استقطاب الوجوه الانتخابية في إطار معركة التزكيات الانتخابية.
ورغم أن الانتخابات لم تعد تفصل عنها إلا شهور قليلة، إلا أن اهتمامات الأحزاب السياسية كانت بعيدة عن انتظارات المغاربة، الأمر الذي يهدد بزيادة منسوب فقدان الثقة في السياسة وفي العملية الانتخابية، الأمر الذي يستدعي من هذه الأحزاب تجويد عملها والارتقاء به إلى مستوى اقتراح برامج حقيقية تعود بالنفع على حاضر المغاربة ومستقبلهم.
وتجدر الإشارة إلى أن مختلف الأحزاب السياسية، دخلت مرحلة السرعة القصوى، في سياق التسابق نحو ضمان تغطية مختلف الدوائر الانتخابية وطنيا، وحشد مرشحيها بمختلف المدن وتعبئة طاقاتها للانتخابات المقبلة، سعيا لتأمين موقعها السياسي.