الطوزي: أطر “البيجيدي” أصبحوا برجوازيين وانفصلوا عن الشعب
خلال تشريحه أسباب انهيار حزب العدالة والتنمية خلال الانتخابات الأخيرة، أكد محمد الطوزي، المفكر والأكاديمي المغربي، وعضو لجنة النموذج التنموي، أن قيادة حزب العدالة والتنمية “تبرجزت” (أصبحت برجوازية) وأضحت منفصلة عن الشعب وظروف معيشته.
وأضاف الطوزي، في حوار له مع مجلة “جون أفريك” الناطقة بالفرنسية، مفككا أزمة “البيجيدي” أن هذا الأمر كان محبطًا بشكل كبير، لاسيما أن الارتباط بخطاب حزب العدالة والتنمية بني على السعي إلى الصرامة الأخلاقية واحترام الخط الأيديولوجي.
وحول ما إذا كان الطوزي تفاجأ من الهزيمة التي مني بها حزب العدالة والتنمية، أكد المتحدث، أن حجم الهزيمة هو ما فاجأه، أما الهزيمة فحتى أطر العدالة والتنمية كانوا يستعدون لها، مضيفا أن الحملة الانتخابية لم تتم كما أريد لها، كما أن الحزب واجه صعوبة في إيجاد المترشحين والمناضلين، ومنذ سنة قبل الانتخابات لوحظ ملل في أوساط أطر الحزب، الذين لم يتم تحميسهم من طرف سعد الدين العثماني.
وتابع الطوزي، خلال الحوار نفسه، أنه عند نشر لوائح الترشيحات، تفاجأ من نسبة تغطية الدوائر من طرف “البيجيدي” التي لم تتجاوز 36 بالمئة، مضيفا أنهم فشلوا في تغطية لوائح الجماعات، ما صنفهم في الرتبة الثامنة، وذلك همّ حتى المدن الكبرى التي كانت تعد معاقلهم، مستحضرا في السياق ذاته، العلاقة بين عدد المرشحين وبين النتائج المحصل عليها، فحزب “الأحرار” قدم 25 ألف مرشح، مقابل 5 آلاف مرشح فقط من “البيجيدي”.
ويضيف الطوزي أن عوامل أخرى لعبت دورًا في هزيمة الإسلاميين، مثل الإرهاق واستنفاد السلطة، مشيرا إلى أن حزب العدالة والتنمية لم يستطع إرضاء جناحه المتشدد، الذي لم يستوعب التطبيع مع إسرائيل، كما أنه لم يرضي نشطاءه بالطريقة التي أسند بها المناصب، وتعيينه صغار المسؤولين في شؤون محدودة وذات التزام أيديولوجي وديني محدود.
وأوضح الطوزي، أن الصرامة الأخلاقية والالتزام الإيديولوجي كانا مفيدين للحزب في المعارضة، وفي وقت الاستيلاء على السلطة، لكن أصبحا غير ضروريين ومرهقين بمجرد أن بدأ حزب العدالة والتنمية في تحمل المسؤولية. وأورد الطوزي، أنه بصرف النظر عن قيادات الحزب و”نجومه” الذين احتفظوا بأماكنهم لمدة عشر سنوات، نحى حزب العدالة والتنمية جانباً منظريه وخطباءه، مضيفا أن الحزب فقد جزءا من قدرته على التأثير، كما أنه تراجع على مستوى الاستراتيجية الرقمية، ما جعله متجاوزا من طرف حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الاستقلال.
ومن الواضح، يضيف الطوزي، أن الناخبين المحبطين والمتعبين وحتى الغاضبين، صوتوا عقابيا ضد قرارات الحكومة المنتهية ولايتها، وكذلك تدبير الحزب على المستوى المحلي خاصة في المدن الكبرى، مضيفا أنه مثلا في القنيطرة خاب أمل الناس في عزيز الرباح الذي يدبر شؤون المدينة منذ سنة 2009، ما جعلهم يتحركون ضده، في ملف النقل، ومسألة الأرض، وتوزيع المحلات، التي جرت عليه الكثير من الغضب.
وفي أكادير، يضيف الطوزي، مقارنة مع الولاية السابقة التي ترأسها العمدة السابق طارق القباج عن الاتحاد الاشتراكي، كان الاندحار واضحا، وتجلى ذلك في تمويل الجمعيات المحلية والمؤسسات السياحية والثقافية. وقال الطوزي هذه هي ثقافة الإخوان المسلمين الطائفية، متابعا أن ما مكّن الحزب من البقاء لفترة طويلة هو المستجدات المرتبطة بما بعد الربيع العربي، إضافة إلى خطاب المظلومية، خاصة عند عبد الإله بنكيران، لكن هذا انتهى مع شخصية العثماني، وأيضا مع استيعاب الناس بأن “البيجيدي” هو الذي يوجد على رأس المدن، ما جعله غير قادر على الاختباء أكثر وراء هذا الخطاب.
وقال إن هناك سياق عالمي متسم بتراجع الإسلام السياسي، والثقافة والعقيدة الإخوانية، التي لها أبعاد سلطوية وغير ديمقراطية، مضيفا أنهم أظهروا حدودهم بشكل عام، فهم هرميون، ونابذون، ومحافظون وربما عنيفين، وهناك أيضا أسباب داخلية لتراجع الإسلاميين، بحسب الطوزي، الذي قدم أمثلة عن تراجعهم في مصر وتركيا وتونس.
وانتهي الطوزي، إلى أن ذلك لا يعني أن المجتمعات ستصبح حداثية، لأن الدين سيستمر في احتلال مكانة مهمة في التعبئة، لصالح السلفيين، الذين يمكن استيعابهم مع السلطات.