الحكومة تلجأ لـ “CNSS” لتمويل اللقاح
رغم تأكيد بلاغ الديوان الملكي بأن حملة التلقيح الوطنية ستكون مجانية بالنسبة لكل المواطنين، إلا أن الحكومة المغربية قررت، في آخر لحظات ولايته، اللجوء لأموال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS لتمويل حملة التلقيح، وهو الأمر الذي أثار انتقادات لاذعة من طرف الجمعية المغربية لحماية المال العام.
وتأكد خبر لجوء الحكومة إلى اقتطاع ما يناهز 1.4 مليار درهم من أموال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، خلال الاجتماع المجلس الإداري للصندوق، يوم أمس (الخميس)، برئاسة محمد أمكراز، وزير الشغل والإدماج المهن، من أجل المصادقة على القرار، وهو ما رفضته نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التي انسحب ممثلوها من الاجتماع احتجاجا.
وأكد محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، في تدوينة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك)، اليوم (الجمعة)، أنه خلال اجتماع مجلس الCNSS”تفاجأ الجميع بطرح موضوع عقد البرنامج لتمويل حملة التلقيح ضد كوفيد19، وهو العقد الذي يتضمن مساهمة الصندوق المذكور بما مبلغه 1,4 مليار درهم يؤديها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من أموال المنخرطين !!”.
وأكد الغلوسي أنه “لا الوزير ولا المجلس الإداري للصندوق مخول له التصرف في هذه الأموال بأية صيغة كانت وتحت أية ظروف أو مبررات مهما كانت”، مشيرا إلى أن هذا القرار الذي يمس شرائح اجتماعية كبيرة وضعيفة يشكل سابقة خطيرة ويعري الخطاب الحكومي حول الحماية الاجتماعية ويفند كل الشعارات التي ترددها الحكومة حول كونها حكومة اجتماعية بامتياز”.
واستحضر الغلوسي، إعلان الدولة مجانية عملية التلقيح مجانية وأن المغرب نجح فيها بلادنا بالمقارنة مع بلدان أخرى، إلا أن المثير، وفق رئيس جمعية حماية المال العام، هو “كيف سمح وزير الشغل والإدماج المهني لنفسه ومعه الحكومة بالتصرف في أموال المنخرطين في الصندوق وهم الفئة الضعيفة والهشة في المجتمع وهي الأولى بالاستفادة من هذا المبلغ ومن التعويضات الأخرى؟”.
وتابع الغلوسي متسائلا “بأي حق وبأي سند يسمح للحكومة بأن تمد يدها إلى أموال الصندوق، وهي أموال عمومية، في الوقت الذي لم تستطع مواجهة الاختلالات الكبيرة التي عرفها ذات الصندوق ووصل في وقت سابق إلى حد الإفلاس دون أن تتم مساءلة المسؤولين عن ذلك؟ أم أن الحيتان المستفيدة من ريع ومكتسبات الصندوق تظل فوق القانون ويد الحكومة مغلولة اتجاهها لذلك امتدت يدها إلى الطبقات الضعيفة والكادحة كحائط قصير وكاحتياطي دائم لإطفاء بعض النيران ومص عرق جبينها؟”.
وقال الغلوسي بأنه “كان على وزير الشغل والحكومة عوض التصرف في أموال الصندوق أن يتحليا بالشجاعة للمطالبة باسترجاع الأموال المنهوبة من الصندوق وإجبار بعض المقاولات والشركات الكبرى المتمردة على القانون من أجل الخضوع للمقتضيات القانونية ذات الصلة بالحماية الاجتماعية”.
ولفت الغلوسي إلى أن ذلك كان “سيشكل إنجازًا مهما وكبيرا يحسب لهذه الحكومة لكنها وعوض ذلك اختارت أن تمد يدها للمال العام وأن تساهم في تبديده وهدره تحت غطاء قرار المجلس الإداري للصندوق لإضفاء الطابع “القانوني” على شبهة تبديد وهدر المال العام وهو ما قد يشكل أرضية إذا ما توافرت عناصر أخرى لمقاضاة وزير الشغل والإدماج المهني أمام القضاء لإجباره على عدم التصرف في أموال المنخرطين التي تشكل مالا عاما وقد يجد نفسه متهما من أجل جناية شبهة تبديد المال العام والتي تقع تحت طائلة القانون الجنائي.
ودعا الغلوسي “النقابات التي تدافع عن مصالح وحقوق الطبقة العاملة وعموم الأجراء إلى التصدي لهذا القرار وأن لا تسمح بمروره”، مشددا على أنه “إذا كانت الحكومة تبحث عن موارد مالية لتغطية أي خصاص كيفما كان فعليها أن تبحث عن ذلك بعيدا عن جيوب الطبقات الضعيفة والفقيرة “.