الرباط ومدريد.. مؤشرات لتسوية العلاقات
بعد ما يناهز ثلاثة أشهر من الأزمة الدبلوماسية بين الرباط ومدريد، تؤكد مؤشرات أن العلاقات الثنائية بين البلدين في طريقها للتسوية، رغم غياب التصريحات الرسمية التي من شأنها التشويش على المفاوضات السرية الساعية إلى غلق صفحة الخلاف، رغم استمرار سحب المغرب سفيرته من اسبانيا.
وبينما تؤكد المعطيات أن الأزمة لن تطوى إلا بإعلان اتفاق بين البلدين يعيد الثقة، إلا أن مؤشرات عدة تؤكد وجود بوادر انفراج دبلوماسي، منها الاتفاق بين البلدين على إعادة 700 قاصر مغربي عالق بمدينة سبتة المحتلة منذ شهر ماي، وهي خطوة تظهر وجود تنسيق بين السلطات في البلدين.
من جانبها، أوضحت صحيفة “ألباييس” الإسبانية أن إشارات الرباط الودية تضاعفت في الأسابيع الأخيرة، متوقعة اقتراب نهاية الأزمة، لافتة إلى أن الصمت في الدبلوماسية لا يقل أهمية عن الكلمات، وأن الإشارات أكثر بلاغة من أي بيان.
ومن الإشارات الودية بين البلدين، وفق المصدر ذاته، عدم تطرق الخطاب الملكي للذكرى الثانية والعشرين لعيد العرش إلى العلاقات المتأزمة مع إسبانيا، فالخطوة الأولى في إخماد الحريق هي عدم رمي مزيد من الحطب عليه، وهي الإشارة التي تلقاها الملك الإسباني الذي بعث بدوره رسالة تهنئة بمناسبة عيد العرش.
كما أن الخارجية المغربية، تضيف “ألباييس”، رفعت “الفيتو” عن السفارة الاسبانية بالرباط ودعتها للمشاركة مع سفراء باقي الدول لزيارة مقر المكتب الوطني للأبحاث القضائية، وهي الإشارة الرسمية التي تلقتها إسبانيا بترحيب، ذلك أن السفارة الإسبانية استبعدت فيما قبل من لقاء نظم من طرف لجنة النموذج التنموي لعرض تقريرها.
وينضاف إلى ذلك، إحباط السلطات المغربية عمليات هجرة سرية في الفترة الأخيرة، منها منع أربع محاولات للدخول إلى مليلية المحتلة في ظرف عشرة أيام من طرف مهاجرين أفارقة، في 1 و2 و3 و9 غشت الجاري، كما أن البحرية الملكية المغربية تدخلت لإنقاذ أربعة قوارب على متنها 180 شخصا غادرت طرفاية متوجهة إلى جزر الكناري.
الإشارات تتم بالموازاة مع المفاوضات السرية بين البلدين، بعد مرحلة الفتور التي كان فيها التواصل بين البلدين ممكنا فقط عبر أطراف ثالثة، منها الاتحاد الأوروبي ودولة فرنسا، قبل أن يتم تعيين وزير خارجية جديد مكان أرانتشا غونزاليس لايا، غير أن هذه المفاوضات محاطة بدرجة عالية من السرية لا تسمح باكتشاف درجة تقدمها.
وفي وقت مازالت الأزمة مستمرة، رفع مندوب الحكومة الإسبانية في سبتة المحتلة، سلفادورا ماتيوس منسوب التفاؤل، مؤكدا أن أن العلاقات الثنائية هي بالفعل “جيدة للغاية”، متوقعا أن تكون النتائج “في الأيام المقبلة”.
غير أن هذه المؤشرات لا تنفي حساسية الملفات الموضوعة على طاولة المفاوضات بين المغرب واسبانيا، منها أعداد المهاجرين الذين مازالوا عالقين بسبتة ومليلية، والحدود البرية المغلقة بين المغرب ومدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، التي تعد من الملفات المعقدة، إضافة إلى المواقف الإسبانية من الصحراء المغربية ودعمها الانفصاليين بالمغرب.
غير أن المفاوضات الجارية يتوقع أن تصل إلى اتفاق بين البلدين حول مجمل القضايا المطروحة، على أن يتوج ذلك بزيارة لوزير الخارجية الإسباني إلى الرباط، وأن يتم كذلك استئناف العلاقات بين مختلف الوزارات، وصولا إلى عقد الاجتماع رفيع المستوى (RAN) الذي تم تأجيل عقده منذ دجنبر 2020 من جانب المغرب قبل أسبوع واحد فقط من الموعد المحدد.
ويشار إلى أن العلاقات المغربية الإسبانية وصلت قمة توترها مع استضافة مدريد زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، وما أعقبه من أحداث الهجرة الجماعية إلى سبتة ومليلية المحتلتين، ليعلن المغرب بعدها أن سبب الأزمة هو فقدان الثقة.