مغاربة حملوا السلاح في وجه بعضهم بسوريا والعراق
قدم تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة للوقوف على حقيقة ما يعانيه الأطفال المغاربة والنساء والمغاربة العالقين في سوريا، قصصا قاسية عاشها شباب مغاربة، غرر بهم من أجل الالتحاق بسوريا والعراق للقتال إلى جانب التنظيمات الإرهابية، قبل أن يكتشفوا حقيقة الوضع، وأنهم كانوا مخطئين ومخدوعين باتخاذهم القرار.
مئات المغاربة منهم الذين عادوا إلى المغرب بجروح نفسية واجتماعية وجسدية عميقة، ومنهم آخرون عالقون بالسجون العراقية والسورية، وأطفال ونساء مفقودون، وجدوا أنفسهم في آراضي الحروب حيث قادتهم اختياراتهم الخاطئة، فأصبحوا اليوم يطالبون فقط بالعودة إلى أحضان الوطن، مبدين أسفهم وندمهم الشديد على ما جرى، وآخرون يحكون قصص مؤلمة.
من بين القصص التي عرض تقرير المهمة الاستطلاعية، المنبثقة عن لحنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج، قصة محمد البدوي، عائد ومعتقل سابق، وجد أن ما ذهب إليه في سوريا غير موجود، مؤكدا في شهادته “وجدت كثرة الجماعات وأصدقائي الذين ذهبت معهم أجدهم في جماعات أخرى، وأصبحت بيننا عداوات ففكرت في الرجوع، وقالوا لي سنسلمك للسلطات التركية ليتم اعتقالك فبقيت أفكر كيف أخرج”.
البدوي أكد أنه التحق بتنظيم “داعش” “نظرا للخصاص المادي والمنظور العلمي، مستواي الدراسي الثانية إعدادي، سمعنا فتوى في مؤتمر عقد بمصر كان فيه شيوخ مغاربة أفتوا بنصرة الشعب السوري، وما أثر فيَّ كذلك أنني تألمت للأوضاع هناك، التحقت وتركت زوجتي في المغرب بدون علم أحد، وصلت لسوريا واتصلت بعائلتي وعاتبوني”.
وتحكي ليلى الشكلاطي، عائدة من سوريا، بعد ذهابها رفقة زوجها “بدأنا نرى أشياء لم نتوقعها ظنا أننا سنساعد أشخاصا، وبعد ذلك رأيت أنه عندما يموت زوج إحدى الأخوات يكون الحل الوحيد أمامها هو الزواج، فتصبح مثل بضاعة تنتقل من أحد لآخر”.
وتحكي فطري كريمة، إحدى العائدات، أنه بعد مرور خمس سنوات، على التحاقها رفقة زوجها بجبهة النصرة، قُتل زوجها على يد داعش، تضيف “بقيت أفكر في الرجوع، في الأول طلبوا مني أن أتزوج ورفضت الزواج والبقاء في سوريا، بقيت أحاول لمدة تسعة أشهر ويقبضون علي ويرجعونني، ذهبت كل نقودي مع “الحراكة” رأيت طفلا تم قتله أمام ابني، كنا نمشي 12 ساعة للخروج من سوريا وكان لدي أطفال صغار سنهم ما بين 7 و 5 و 2 سنوات، عانيت معاناة كبيرة للخروج من سوريا، كانوا يقولون لي إنك ستبقين في سوريا وستتزوجين، بمجرد ما توفي زوجي بدأ يأتيني الخُطَّاب، أصبحت مثل سلعة وأنا لدي بنت لم أرغب أن تعيش ما عشته”.
أما بولخريف عادل، فيحكي قصته قائلا “رأينا ما لم يره أحد، ليس سهلاً رؤية الحرب والقتل ورؤية الدماء والرؤوس تقطع أمامك مع كل أعضاء الجسم، ذلك لا يتصور، نراه فقط في الأفلام، نحن عشنا كل هذا وترك فينا آثار كبيرة، وتكونت فينا جميع الأمراض، أنا هناك مرضت مرضا نفسيا صعبا، أحمل السلاح وأرغب في قتل الإخوة الموجودين معي، حتى أنهم يربطون يدي ورجْلَيَّ بالسلاسل، وذلك لهول ما رأيته”.
ويضيف عادل “كنا نرى طائرة تنزل برميلا متفجرا تأخذ حياً بأكمله، كيفما كان عقلك لن يتحمل ذلك، لم أصبر على تلك المناظر ولم أرغب في عيش ما رأيته، وقلت لهم بأنني أريد الخروج، ولما رأوني مريضا قالوا بأنني لن أفيدهم في شيء وباتوا يخافون مني، قاموا بإخراجي إلى تركيا، وهناك في تركيا عشت معاناة أخرى تم القبض علي وأنا مريض عشت التعذيب في السجن، كنت فاقدا للوعي ووجدت صعوبة في التواصل معهم، بعد قضائي شهرين، طلبت منهم إرجاعي للمغرب”.
ويقول حميد الأزهري،عائد ومعتقل سابق، كيف أنه كان يكفر بالله وكان من أتباع عبدة الشياطين (السيطانيزم) لمدة ست سنوات، قبل أن يتراجع عند هذه الطريق ويلتقي بمجموعة “أصحاب الدين” أعطوه مجموعة من الكتب إلى أن انتهى به المطاف بسوريا مع تنظيم “داعش”، قبل أن يجد حكما “جبريا”، حيث أجبروه بعدها للانتقال إلى العراق حيث أقفلوا عليه رفقة مغاربة لمدة شهر، ونجى من الموت بأعجوبة، قبل أن يعود إلى أرض الوطن.
هذا وحكي مجموعة من المغاربة العائدين وعائلاتهم العديد من القصص المؤلمة خلال الاستماع إليهم من طرف اللجنة الاستطلاعية، التي قدمت مجموعة من التوصيات لحل هذا الملف وإدماج العائدين، وكذا لإيجاد طرق إرجاع العالقين والمفقودين بسوريا والعراق.