لجنة بنموسى: المغرب متشبث بالاتحاد المغاربي وهذه رؤيته للتحالفات الدولية
رغم تمسك بعض بلدان الجوار بعدم الدفع إلى إقامته، كشفت لجنة النموذج التنموي الجديد أن المغرب متشبث بالاتحاد المغاربي، كما أوضحت رؤية المغرب للتحالفات والشراكات الدولية المستقبيلة والتي تتسم بالتنوع، بما فيها العلاقات مع الدول الإفريقية، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة وكندا وأمريكا اللاتينية، إضافة إلى العلاقات مع البلدان الخليجية، وكذا العلاقات مع الدول الصاعدة كالصين والهند.
وأعادت اللجنـة، في تقريرها المقدم أمام الملك مساء أمس (الثلاثاء)، التأكيد علـى “تشـبث المغـرب بفضاءات التضامـن كمـا تـم تحديدها ضمـن تصديـر الدسـتور، خاصـة، التشبث بنـاء الاتحـاد المغاربـي، وكـذا الانتمـاء إلـى الأمـة العربيـة والإسلامية”.
ودعت اللجنـة إلـى “مواصلـة اسـتراتيجية تنويـع التحالفـات والشـراكات مـع المناطـق الأخـرى مـن العالـم لجعلهـا رافعة لتوسيع الأسـواق الخارجيـة وتعزيز جاذبية الاقتصـاد الوطني للاستثمارات الخارجية المباشرة”، مبينة أن هذه “التحالفات تشـكل لبنـة إضافـية لتكريس وضـع المغـرب كملتقـى جهوي بيـن أوروبـا وإفريقيـا وبيـن الشـرق والغرب”.
وحول تموقع المغرب عالميا، تراهن لجنة بنموسى على أن يصبـح المغـرب بلـدا رقميـا، وأن يصبـح مركــزا للتعليــم العالــي والبحــث والابتــكار علــى مســتوى منطقتــه، وأن يغــدو الرائــد الإقليمي للطاقــة ذات الانبعاثات المنخفضـة مـن الكربـون، وأن يرقـى إلـى مسـتوى قطـب مالـي مرجعـي، وأن يجعـل مـن علامـة “صنـع بالمغـرب” علامـة للجـودة والتنافسـية والاسـتدامة.
وأفادت اللجنـة أنها تراهن “علـى مغـرب فاعـل فـي تنميـة القـارة الأفريقيـة”، وملتزم “بإقامة فضــاء التعــاون القــوي مــع الاتحاد الأوروبي والجــوار الأورو-متوسـطي، وعلـى دور المغـرب كفاعل أساسـي فـي العلاقـة الأورو-إفريقيـة”.
أفريقيا.. قارة المستقبل
بخصوص العلاقات مع إفريقيـا، أكدت اللجنة على أهميتها، مبينة أن أفريقيا “تعـد قـارة المسـتقبل”، موضحة أن شـبكة اتفاقيـات التعـاون التـي تربـط المغـرب ببلـدان قارتـه وبالإضافة إلـى إمكانـات المتاحـة فـي إطـار منطقـة التجـارة الحـرة القاريـة الأفريقية (ZLECA) تتيح آفاقـا واعـدة للتعـاون، مضيفة أن “رهانـات النمـوذج التنمـوي الجديـد يمكـن أن تشـكل رافعـة لتعميـق علاقـات التعـاون والتنميـة المشـتركة مـع إفريقيـا علـى المسـتوى الثنائـي والإقليمـي والقـاري”.
وفي السياق ذاته، أوضحت اللجنة أن هـذه المقاربـة “تشـجع علاقـة متجـددة مـع إفريقيـا، علاقـة علـى أسـاس رابح-رابـح تعبـئ التكاملات وتحفـز علـى التوجهـات الاقتصادية المتخصصة، وتسـاهم فـي بنـاء سلاسل قيمـة إقليميـة فـي قطاعـات ذات مؤهلات قوية (الصناعة، الفلاحـة، النسـيج، صناعــة الســيارات، الســياحة، التعليــم العالــي، الابتكار، الصناعــة الثقافيــة، التنميــة المســتدامة وصناعــة الأدوية”.
الاتحاد الأوروبي..
وفيما يتعلق بالعلاقات مع أوروبا، تراهن اللجنة، حسب تقريرها العام، على “تعميـق وتنويـع الشـراكة المميـزة التـي تربـط المغـرب بالاتحاد الأوروبي”، وذلك عبر رهـان اللجنة على الطاقـة التنافسـية أو الخضـراء التـي يتوفـر بشـأنها المغـرب علـى مؤهلات للمسـاهمة فـي الميثـاق الأخضر للاتحاد الأوروبي الـذي يـروم اسـتيراد 40 جيـكا واط مـن الطاقـة المتجـددة فـي أفـق 2050، وكذا رهـان المعرفـة مـن خـلال تعزيـز التعــاون فــي مجــال التعليــم العالــي والبحــث العلمــي.
وتسعى اللجنة إلى تعميق علاقات المغرب مع الاتحاد الأوروبي أيضا عبر رهــان التكنولوجيــا الرقميــة حــول فضــاء “شــنغين للمعطيـات”، وأيضا رهان المركز المالــي الجهــوي الــذي يمكــن المغــرب مــن أن يصبــح منصــة قاريــة تتيــح الفــرص للمســتثمرين الأوروبيين الباحثيـن عـن اسـتثمارات مثمـرة، إضافة إلى رهـان علامـة “صنـع بالمغـرب” الـذي سـيجعل مـن المغـرب وجهـة لجـذب المقاولات الأوروبية التـي تبحـث عـن نقـل أنشـطتها إلـى بلـدان قريبـة مـن الأسواق الكبـرى الواعـدة، تؤكد اللجنة.
أمريكا والبعد الأطلسي..
شددت لجنة بنموسى على تعزيــز البعــد الأطلسي للسياســة الخارجيــة للمملكــة عبــر تعميــق روابــط الشــراكة مــع الولايات المتحـدة الأمريكية، مـن خـلال التعبئـة الكاملـة لإمكانات إتفاقية التبـادل الحـر وللفـرص التجاريـة والاستثمارية المتاحـة.
وأكدت لجنة النموذج التنموي أن “الاعتراف الأخير مـن قبـل الولايات المتحـدة بسـيادة المغـرب على صحرائـه والإعلان عــن فتــح قنصليــة للولايات المتحــدة فــي الداخلــة، يؤشــر علــى ديناميــة خاصــة ســواء فــي مجــال التعــاون الثنائــي أو فيمــا يخــص التعــاون الموجــه نحــو القــارة الإفريقية”.
وتشــكل الاتفاقيات الموقعــة مــع الشــركة الأمريكية لتمويـل التنميـة الدوليـة، حسب تقرير لجنة بنموسى، “آفاقـا جديـدة لإرساء أسـس تعـاون اقتصادي دينامـي ومبتكـر فـي عـدة مجالات ذات الطابــع الاستراتيجي، مــع مــا يترتــب عــن ذلــك مــن آفــاق للســلام والاستقرار داخــل المنطقــة الأورو-متوسـطية والقـارة الإفريقية”.
وتؤكد اللجنة كذلك على أهمية بناء علاقـات مـع كنـدا ودول أمريـكا اللاتينية، إذ يمكـن لذلك أن “يسـاعد فـي تقويـة هـذا البعـد الأطلسي للمغـرب وخلـق فـرص اقتصادية جديـدة لكافـة الأطراف”.
الخليج والدول الصاعدة
أكدت اللجنـة، حسب تقريرها، علـى أهميـة الشـراكة الاستراتيجية التـي أقامهـا المغـرب مـع مجلـس التعـاون لـدول الخليـج العربيـة، علـى الصعيديـن الثنائـي والمتعـدد الأطراف، بحيـث أنهـا “تتيح فرصاً للشـراكات فـي المجالات الرئيسـية ذات الصلـة بتفعيـل النمـوذج التنمـوي الجديد”.
ودعت اللجنة إلى “تعزيـز علاقـات الشـراكة مـع الـدول الصاعـدة، خاصـة تلـك التـي أبـرم معهـا المغـرب شـراكات اسـتراتيجية، كالصيـن والهنـد وروسـيا، بالنظـر إلـى المكانـة التـي تحتلهـا هـذه البلـدان ضمـن التوازنـات الجيو-سياسـية والجيو-اقتصاديـة الحاليـة، والمسـتقبلية فـي ظـل عالـم مـا بعـد أزمـة كوفيـد-19 “.
وأوضحت لجنة النموذج التنموي أن الإجراءات المتخـذة حديثـا لتعميـق علاقـات المغـرب مـع الصيـن، مـن خـلال انضمـام المملكــة للمبــادرة الصينيــة المتعلقــة بمبــادرة “الحــزام والطريــق”، وإحــداث مشــروع مدينــة محمــد الســادس “طنجـة تيك”، تندرج ضمـن هـذا الإطار، مشددة على ضرورة كمــا ينبغــي تعميــق هــذه العلاقــات لجعلهــا رافعة اســتراتيجية تكــرس التموقــع الإقليمي والدولـي لبلادنـا.