سميرة بناني.. أول مغربية تلج سباق السيارات
فسحة رمضان.. مغربيات حزن قصب السبق
تعددت المجالات التي تبوأت فيها المرأة المغربية مراكز متقدمة، واحتلت فيها الصدارة. فهي مبدعة في شتى مناحي الحياة، بل أدّت مهامها بتفانٍ وإخلاص وإتقان وإبداع.
المُلفت في الانتباه في المرأة المغربية، أنها مُبادِرة وتقتحم مجالات يراها البعض حكرا على الرجل، والأكثر من ذلك، أنها تفوقت عليه في أكثر من مناسبة، وساهمت في رفع العلم المغربي في محافل دولية كبرى.
وبيد أن الإنسان المغربي لا يرضى سوى بالمراتب الأولى، فإن المرأة المغربية سارت على النهج ذاته، فدخلت الحكومة وولجت البرلمان، وتحملت مسؤوليات عدة، وكانت أهلا لها.
ولفترة غير بعيدة، كانت نظرة الرجل تجاه المرأة محفوفة بالكثير من المغالطات، التي تنال من قيمتها ككائن فاعل في المجتمع، إلى أن أثبتت جدارتها، وأكدت له أنها قادرة على منافسته والتفوق عليه، حتى في مهن لم تكن بنفسها تعتقد أنها ستقتحمها ذات يوم.
في سلسلة حلقات بعنوان “مغربيات حزن قصب السبق” ضمن فسحة رمضان، ستقربكم صحيفة “أمَزان24″، من نساء تركن بصمتهن، واتخذن التحدي والمغامرة شعارا لهن في طريق لم تعرف المستحيل.
الحلقة الأولى: سميرة بناني.. أول مغربية تلجُ سباق السيارات
يعد سباق السيارات والرياضات الميكانيكية إجمالا، إحدى أكثر الرياضات شعبية ومشاهدة عبر العالم، لكنها ارتبطت تاريخيا بالرجال، بحكم غياب العنصر النسائي عن هذا الصنف الرياضي، لما يحتاجه من قوة بدنية، وإقدام لكسر حاجز الخوف والعرف المجتمعي، الذي يصنفه رياضة ذكورية بامتياز.
لكن، كما جاء على لسان نابليون بونابارت، فإن “الإرادة القوية تقصّر المسافات”. ذلك ما ينسحب على سميرة بناني، التي تعد من النساء اللواتي قبلن التحدي. وفي خطوة جريئة، تمكنت من انتزاع المركز الأول، واقتحام عالم السيارات، كأول امرأة مغربية وأفريقية تخوض غمار سباق السيارات في الحلبات المغلقة، كما تعتبر أول بطلة عربية تلج هذه الرياضة، وبذلك كسرت هاجس الخوف لدى النساء، وفتحت المجال أمام النساء.
بناني المحظوظة
النساء اللائي دخلن عالم سباق السيارات، يعتبرن سميرة بناني من المغربيات المحظوظات. فهي من مواليد 1964 بمدينة فاس، تزوجت في سن السادسة عشر رغم معارضة أهلها زواجها في سن مبكر. كان زوجها عبد الإله بناني، بطلا سابقا في الدراجات النارية، وكان بمثابة الداعم الأساسي لمسيرتها الحافلة بالبطولات. تفهّم ولعها الكبير بأن تنافس الرجال في مجال السباقات، فاقتحمته ونجحت، وأسفر ذلك عن ميلاد ابن يعشق هواية أمه، واستطاع بدوره فرض اسمه هو مهدي بناني.
مشاركة زوجها في إحدى البطولات كما صرحت في إحدى المقابلات ألهبت مشاعر التحدي لديها، فقررت بعدها خوض التجربة عام 1987 معلنة بذلك الحرب في وجه كل القيم البالية التي كبلت أحلام وطموحات نساء، كن يحملن الشغف ذاته، لكن إرادتهن لم تكن نفسها.
بداية الشغف
بدأت سميرة أولى سباقاتها عام 1988 بمدينة بنسليمان، وهناك كانت بدأ شغفها والتعلق بالمجال، حيث اكتشفت ذاتها وإمكاناتها، كما تشربت قيم ومبادئ هذه الرياضة، وبعدها آثرت إلا أن تشارك في جميع السباقات بالمغرب. فقد كانت تشارك في 14 سباق في السنة، وحازت في معظمها مراكز متقدمة.
آمنت سميرة بقدراتها، لكنها لم تؤمن يوما بوجود فارق بينها وبين الرجل. فقد قالت ذات مرة “ما يفرق بيني وبين الرجل هي السيارات، كل واحد في مقعده، إما أن أكون غالبة أو يكون النصر من حليفه”.
مسيرة حافلة
توجت سميرة بناني سنة 1998 بطلة المغرب في سباق السيارات. ودفعتها الرغبة في تحدي خصمها بأن تكون المرأة الوحيدة المشاركة في بطولة “السوبر كوبا ميغان” باسبانيا عام 1999، ضمن 35 رجلا مشاركا. وبناء على سعيها الحثيث لتشريف المرأة المغربية في الخارج والداخل، حصلت في يوم 11 يوليوز من العام نفسه على وسام الرياضة من الدرجة الأولى من قبل الملك الحسن الثاني.
من بين المحطات المهمة التي طبعت مسيرة البطلة سميرة بناني، مشاركتها في “رالي باريس داكار”، وهو أشد سباقات السيارات وعورة، لتكون بذلك أول مغربية تضع بصمتها فيه.
مسارها الحافل جعلها تترأس جمعية نادي شعلة الرياضات الميكانيكية عام 2007، وتنظم سنويا سباق الرباط بشارع النصر. وتقلدت منصب نائبة رئيس الجامعة الملكية المغربية لسباق السيارات، وعضوا في لجنة المرأة والرياضة بالاتحاد الدولي للسيارات كأول امرأة مغربية، وهي الممثلة الوحيدة عن القارة الإفريقية التي وصلت المنصب، ما جعلها تحقق إنجازات بالغة الأهمية في سجل منافسة الرجل.