تفاصيل تحقيق الفرقة الوطنية مع وزير سابق في اختلالات صفقات
حلّ محمد مبديع، الوزير السابق في حكومة عبد الإله بنكيران، ورئيس بلدية الفقيه بنصالح، ضيفا على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، قضى فيها حوالي 10 ساعات من التحقيق معه، بتعليمات من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، في اتهامات متعلقة بتبديد أموال عمومية وخرق قانون الصفقات العمومية.
ووفق المعطيات التي حصلت عليها صحيفة “أمَزان24″، فإن عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، قضت يوم الأربعاء الماضي، ساعات في الاستماع إلى إفادات مبديع وأجوبته، فيما يتعلق بالتهم الموجهة إليه، في شكاية وضعتها ضده الجمعية المغربية لحماية المال العام، في 28 يناير الماضي، تهمّ اختلالات مالية وقانونية وتدبيرية، شابت تسيير بلدية الفقيه بن صالح في عهد رئيسها الحالي، الذي بقي في منصبه منذ سنة 1997 إلى الأن.
خروقات صفقة دراسة بـ 800 مليون أشغالها لم تُنجز
وضع الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام جهة الدار البيضاء-سطات، شكاية ضد مبديع، قدّم فيها معطيات خطيرة، مستندا إلى تقرير المفتشية العامة لوزارة الداخلية، الذي كشف خروقات عدة، منها التصميم المديري للتطهير السائل الخاص بالمدينة، الذي رُصد للدراسات المتعلقة به مبلغ 800 مليون سنتيم.
وتوضح الصفقات المبرمة بحسب الشكاية ذاتها، العديد من الاختلالات، من أبرزها تلك المتعلقة بأشغال التهيئة الحضرية وبرنامج التأهيل الحضري (حصص التبليط والطرق والتطهير، والإنارة العمومية، المساحات الخضراء…). وتبين أن المجلس البلدي لمدينة الفقيه بن صالح، لم يراع مبدأ المساواة في التعامل مع المتنافسين، خلافا لأحكام المادة الأولى من المرسوم 349-12-2 المتعلق بالصفقات العمومية، وهكـذا فإن مكتب الدراسات “BIECTRA” كانت له الأفضلية على باقي المتنافسين. ذلك أن الصفقــــــة 8-2013، التي خصصت للتصميم المديري للتطهير السائل بالمدينة، كانت في طور التنفيذ عند الإعلان عن طلب العروض، إضافة إلى ذلك، فالأعمال اللازمة لإنجاز الدراسات الخاصة بالتطهير، والمبرمجة في إطار الصفقة، أنجزها سابقا نفس مكتب الدراسات، ولا تستوجب سوى تحيينها وملاءمتها مع الدراسات المطلوبة في الصفقة 2-2015، كما أن الفائز بالصفقة، توصل طبقا لمقتضيات المادة 7 من دفتر الشروط الخاصة بالصفقة 8-2013، بكل الوثائق والمعلومات الضرورية، لإنجاز التصميم المديري للتطهير السائل بالمدينة.
وجرى إبرام صفقة الدراسات رقم 05-2006 دون تحديد مبلغها ولا أجل تنفيذها، خلافا للمقتضيات القانونية، وهكذا فإن الصفقة المذكورة تم إبرامها مع تجمع “BIECTRA” و”FABER” منذ 2006 ومازالت مفتوحة، فيما دفتر الشروط الخاصة لم يحدد أجلا ومبلغا لإتمام الصفقة، ما يتعارض مع مقتضيات المادة 75 من مرسوم الصفقات العمومية.
وحصل نائل الصفقة على مبلغ 29.743.519.80 درهم، بحسب آخر مبلغ أتعاب مؤدى بتاريخ 2003. وبلغت القيمة التقديرية للأشغال 389.205.136.46 درهم، في حين بلغت الأشغال المنجزة 355.560.474.64 درهم، بينما المراجع التقنية (attestations de références) المقدمة من طرف التجمع (groupement) غير كافية، بالمقارنة مع أهمية وطبيعة أعمال الصفقة، ذلك أن المراجع المقدمة تخص الطريق وشبكات مختلفة خلال سنوات 2001/2005. ووصلت مبالغها المهمة على التوالي 7.6 مليون درهم 3.6 مليون درهم و 3.3 مليون درهم.
ويلاحظ أيضا أن هناك تناقص بين نظام الاستشارة وإعلان طلب العروض نظام الاستشارة يحتوي على مقاييس تقييم عروض المتنافسين، وضعت لفائدة التجمع المذكور أعلاه. وقيمة الضمان المؤقت الواجب على كل متنافس تقديمها محددة فقط في مبلغ 5000 درهم، وتظل جد ضئيلة بالمقارنة مع أهمية الأشغال المزمع إنجازها، كما لم يتم طلب الضمان النهائي، ما يعرض صاحب المشروع (بلدية الفقيه بنصالح) لمخاطر كثيرة، لاسيما أن نائل الصفقة حصل في الأداء الأول على مبلغ 7.2 مليون درهم بالنسبة للمشروع الأول، ومشروع التنفيذ، كما أن أعمال التتبع والمراقبة لا تمثل إلا نسبة ضئيلة مقارنة مع نسبة إنجاز الدراسات.
وفي مقابل ذلك، أُقصي التجمع “SMEC” و” NOVEC”، ما حدّ من المنافسة لصالح نائل الصفقة، بحجة أن شركة “SMEC” لا تتوفر على الاعتمادات المطلوبة في نظام الاستشارة، ما يخالف مقتضيات المادة 157 من المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية، مع العلم أن شركة “NOVEC”، التي تشكل التجمع مع شركة “SMEC”، قدّمت شهادة تستجيب لكل الاعتمادات المطلوبة. ولم يتم إعداد تقرير لتقييم المقترحات من ناحية الجودة التقنية خلافا للمادة 154 من المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية.
ورغم أداء مبلغ 8 ملايين درهم بالنسبة للدراسات، التي تخص التصميم المديري للتطهير السائل، فإن الأشغال لم تنجز، ما يطرح تساؤلات حول الجدوى من الدراسة والتي كلفت الجماعة أموالا طائلة.
أداء مبالغ صفقات لم تنجز والمصادقة على العكس
الاختلالات التي جرى ضبطها وفق الوثائق المتوقرة، شابت أيضا الصفقة 2-2015، المتعلقة بدراسات التأهيل الحضري لمدينة الفقيه بن صالح. فقد تم إعداد ملفات طلبات العروض سلفا، أي قبل تاريخ فتح الأظرفة، الذي تم بتاريخ 13 غشت 2014، وأبرمت الصفقة لتسوية أعمال تم الشروع في إنجازها سلفا. ويشارك مكتب الدراسات “BIECTRA” في كل لجان طلبات العروض بصفة استشارية، وفي كل اللجان الفرعية التقنية الخاصة بصفقات الأشغال، ما يجعل دوره مؤثرا في اختيار الشركات نائلة الصفقات.
واتضح فيما يتعلق بهذه الصفقة، أنه تم تقديم شواهد مراجع تقنية تشتمل على معلومات خاطئة، وأخرى مسلمة من طرف مكتب الدراسات الذي يسيره عضو مؤسس لشركة الأشغال “ADAMISTITMAR”، التي قدمت شواهد مراجع تقنية تشتمل على مبالغ تفوق المبالغ المؤدى لها، كما أن بعضها مسلم في إطار تعاقد من الباطن (sous-traitance)، رغم أن صاحب المشروع (بلدية الفقيه بن صالح ) لا تربطه أي علاقة قانونية مع المتعاقدين من الباطن، طبقا لمقتضيات المادة 158 من مرسوم الصفقات العمومية.
وتبين أن بعض المراجع التقنية المقدمة من طرف شركة “DREAMINGENEERING” نائلة الصفقتين عدد 14-2014 و7-2016، حصلت عليهما من مكتـب الدراسات “DREAMINGENEERING”، الذي يسيره (م.م) وهو عضو مؤسس، ويشتغل في فريق الهندسة للشركة المذكورة، بالإضافة إلى أن كميات الأشغال المنجزة في إطار الصفقات مختلفة بشكل كبير جدا مع الكميات المحددة سلفا في دفتر الشروط الخاصة، كما أن هناك نسبة ارتفاع مهمة بالنسبة للمواد ذات الأثمان الأحادية المفرطة، والمقترحة من طرف الشركة نائلة الصفقات.
وبمراجعة الصفقات التالية 12-2014 و14-2014 و 6-2016، و7-2016 و9- 2016، فإنه يتضح أن بلدية الفقيه بنصالح أدت مبلغا إجماليا قدره خمسة ملايين درهم، مقابل أشغال لم يتم إنجازها من طرف نائلي الصفقات “ADAMISTITAMAR” و “LACONTRALE ROUTIERE”، مع العلم أن مكتب الدراسات المكلف بتتبع ومراقبة الأشغال وتقنيو الجماعة قاموا بالإشهاد على صحة ومصداقية الأشغال المنجزة، كما أن أتعاب مكتب الدراسات المكلف بالمراقبة والمؤداة لهذا الأخير غير صحيحة، لعدم قيامه بمهمته على الشكل الأمثل، ودون احترام مقتضيات دفتر الشروط الخاصة بصفقة الدراسات.
طن الاسمنت بـ 4 آلاف درهم عوض آلف واختلالات أخرى
وجاء في الشكاية التي فتحت الفرقة الوطنية تحقيقا فيها، أن الخروقات والتجاوزات التي شابت الصفقات كثيرة وخطيرة، منها عـــــدم توقيع الوثيقة الخاصة بالثمن التقديري من قبل صـاحب المشروع (بلدية الفقيه بنصالح)، وعدم تدوين هذا الثمن بمحضر لجنة طلب العروض خلافا للمقتضيات التنظيمية، والاكتفاء فقط بتوقيع مكتب الدراسات، ويتعلق الأمر بطلبات العروض 23- 2014 و24-2014 والصفقة 06-2016، ما يخالف المادة 5 من المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية، بالإضافة إلى تعديل غير مبرر لإعلان طلب العروض من أجل تخفيض قيمة الضمان المؤقت.
ومن بين الخروقات المسجلة، تجاوز الأجل الأقصى لتبليغ المصادقة على الصفقة دون تطبيق المقتضيات التنظيمية (المادة 79 من مرسوم الصفقات العمومية)، وعدم توقيع محضر فتح الأظرفة من طرف أحد أعضاء لجنة طلب العروض، بالإضافة إلى توقف الأشغال لمدة طويلة بالنسبة للصفقتين رقم 3- 2015 و11-2015 دون اتخاد التدابير اللازمة، وتسجيل عدة عيوب تخص الأشغال المنجزة وضعف جودة أشغال إنجاز الطريق بحي المخزن المتنقل، وقبول شهادة الضمان المؤقت المقدمة من طرف نائل الصفقة رغم أنها تتضمن تحفظا خلافا للمقتضيات التنظيمية.
ويسجل أيضا بحسب المعطيات، إسناد صفقة تكملة شارع علال بن عبد الله لشركة لا تتوفر على مراجع تقنية كافية تتناسب مع طبيعة وأهمية الأشغال المزمع إنجازها، ذلك أنه تم الإدلاء بمراجع تخص التطهير والطرق والأرصفة، في حين لا تشتمل أي شهادة على أشغال الإنارة العمومية وتهيئة الأماكن العامة والتي تعتبر جزءا لا يتجزأ من الأشغال المبرمجة، فضلا عن أداء التموينات بأثمنة جد باهظة مقارنة مع الأثمنة المتداولة، كالإسمنت الذي قدر بـ 4000 درهم للطن الواحد، والذي لا يتجاوز ثمنه 1000.