عندما تصبح الكركرات مركزا متقدما للجزائر في حرب معلنة ضد المغرب
بروكسيل — عادل الزعري الجابري
منذ المصادقة في الـ 30 من أكتوبر الماضي على قرار مجلس الأمن رقم 2548، الذي وضع حدا لسنوات من الالتواءات الدولية والطلاسم الدبلوماسية، لكي يتم أخيرا وبشكل صريح، ترجيح الواقعية والتوافق من خلال الإقرار بأن المقترح المغربي للحكم الذاتي يشكل الحل الوحيد ذي المصداقية، تقود الجزائر، من خلال ذراعها “البوليساريو”، حرب عصابات ضد المغرب في منطقة الكركرات منزوعة السلاح.
فعلاوة على إغلاق المعابر المؤدية إلى موريتانيا، تتعاطى مليشيات “البوليساريو” بأوامر من الجزائر العاصمة لأعمال قطع الطرق، من خلال تدمير المسارات والممرات، وتنفيذ أعمال استفزازية بالغة الخطورة ضد القوات المسلحة الملكية وبعثة “المينورسو”.
وتنضاف إلى هذا التصعيد المسلح، الذي يشكل انتهاكا صارخا لوقف إطلاق النار المعلن عنه تحت مراقبة الأمم المتحدة، الغوغائية العدائية المنتهجة من طرف وكالة الأنباء الجزائرية (واج)، التي أصبحت ذراعا مكشوفا للإعلام الحربي ضد المغرب.
فبصفتها بوقا مرخصا لـ “شعب” وهمي ما فتئ يصدح بالإنجازات السريالية لـ “الجمهورية” الوهمية المندحرة، تقوم وكالة الأنباء الجزائرية بتجنيد أزلامها لتأجيج الصراع حول المنطقة العازلة، راغبة بذلك في إشعال فتيل حرب بين الأشقاء من شأنها أن تجر المنطقة نحو غياهب الفوضى.
فلا داعي للبحث عن السبب وراء هذه التعبئة المتعصبة والرعناء لوكالة الأنباء الجزائرية وأذرعها السامة ضد المغرب، والتي ليست سوى نتاج مناخ داخلي قاتم، يتسم بالفراغ في السلطة – ما يعد أمرا مألوفا- والقبضة الحديدية للجيش المسلطة على الحياة العامة، وعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي يشكل في ذات الآن تهديدا لتماسك المجتمع الجزائري والجوار.
وتنضاف إلى ذلك أزمة الشرعية والشعبية التي تتخبط فيها طبقة حاكمة عجوزة متهالكة، كما يتضح من خلال معدل المشاركة المنخفض بشكل غير مسبوق في الاستفتاء الأخير على إصلاح دستور، الذي زفه النظام في أبهى حلة باعتباره البلسم الشافي لكل الأسقام التي يعاني منها المجتمع الجزائري، بينما تم نسج خيوطه لتكريس انحطاطه أكثر فأكثر.
هكذا، فإن التصرفات الاستفزازية لـ “البوليساريو” بمنطقة الكركرات هو أمر محمود بالنسبة لنظام يوجد في سعي أبدي ويائس إلى الانصراف بعيدا عن الاضطرابات التي تهز البلاد، في سياق الحراك المتأجج بشدة، والذي تزيد من حدته الأزمة الصحية المترتبة عن جائحة “كوفيد-19″، والتي شكلت موضوع سوء تدبير فاضح من قبل السلطات الجزائرية.
وفي هذه المساعي الجهنمية، تستعين الجزائر بخدمات جنوب إفريقيا في نوع من التحالف الشرير ضد المغرب، والتي تستغل موقعها في الرئاسة الحالية للاتحاد الإفريقي من أجل لعب دور رجل الإطفاء المهووس بإشعال الحرائق.
فجنوب إفريقيا، هذا النظام المتحجر والغير قابل للإصلاح، الذي يجعل شعبه يعاني حتى النخاع، لا يدخر جهدا في عرقلة سير عملية التسوية الأممية، من خلال توظيف تكتيك الأرض المحروقة في كل مرة يحقق فيها المغرب انتصارا دبلوماسيا في هذا النزاع المصطنع.
وفي هذا السياق المضطرب، يمتنع المغرب عن أي رد فعل اندفاعي. فبناء على الإجماع الشعبي حول قضيته المقدسة والدعم الدولي لخياراته الديمقراطية لمنح جهة الصحراء حكما ذاتيا، فهو ينصب المجتمع الدولي بأسره كشاهد، في مواجهة هذا التصعيد غير المسبوق، لكنه لن يخضع للمناورات الجزائرية.
وبعيدا عن أي نزعة قتالية، فإن قواتنا المسلحة على أهبة الاستعداد للدفاع بشكل شرعي عن التراب الوطني، بما في ذلك المنطقة الواقعة شرق وجنوب الجدار الدفاعي.