أجمع أغلب المشاهدين، أن خرجة سعد الدين العثماني رئيس الحكومة أمس (الخميس)، في لقاء صحافي جرى بثه في القنوات العمومية، يعتبر الثاني من نوعه خلال أزمة كورونا، كانت فاشلة بكل المقاييس، ولم تكن موفقة، وأظهرت عجز رئاسة الحكومة على المستوى التواصلي مع الرأي العام، سواء في تقييم المعطيات الحالية، أو إعطاء نظرة مستقبلية عن الآتي.
وظهر العثماني، وهو فاقد القدرة التواصلية وجاهل تلسيناريوهات المقبلة. وإلى جانب الأخطاء في الأرقام والعبارات طيلة الحوار، فشل العثماني في الإجابة عن هواجس الرأي العام سواء في قطاع التعليم، أو المغاربة العالقين بالخارج، أو الكيفية التي سيتم بها رفع الحجر الصحي، أو الدعم الذي لم تتوصل به الآلاف من الأسر وغيرها من المواضيع.
وطيلة فترة اللقاء، ظهر رئيس الحكومة وهو يخطيء في نطق الأرقام والكلمات، حيث أخطأ في الحديث عن إنتاج المغرب من الكمامات، وأخطأ في نطق بطاقة راميد، وأخطأ في الحديث عن الحصيلة الإيجابية في محاربة الفيروس، وفي عدد الوفيات ومقارنتها مع بلدان أخرى، وفي عدد المستفيدين من دعم صندوق مواجهة جائحة كورونا وعدد المتبقين.
وإلى جانب الأخطاء السالفة، بدا العثماني حائرا لا يمتلك أي تصور عن المستقبل في شتى المجالات، وبقي طيلة الحوار يردد عبارات “ليس هناك تصور.. ليس لدي أرقام.. غادي نشتغلو على سيناريوهات.. لدينا عدة سيناريوهات وإمكانيات.. كلشي داكشي غادي نديروه.. لا وجود لحلول نهائية وبدأنا التفكير في السيناريوهات.. تا واحد ما عندو الأجوبة المطلقة.. لا وجود لتصور سأكذب عليك إذ قلت أنه يوجد تصور…” وغيرها من العبارات التي بيّنت أن رئيس الحكومة لا يمتلك رؤية واضحة تنسجم وموقعه على رأس الحكومة.
وفيما يتعلق برفع الحجر الصحي، الذي لا بفصل المغاربة عنه سوى أسبوعين، لم يوضح رئيس الحكومة كيف سيتم والخطوات التي سيتم اتباعها في الرفع التدريجي للحجر الصحي وغيرها، إذ قال إنه لا وجود لتصور، كل ما يوجد هو سيناريوهات وسنخبر الرأي العام بها، و”سنستمر في الحجر الصحي حتى نهايته 20 ماي، ثم سنرى كيف سنتعامل مع ما بعد 20 ماي”، وهو كلام اعتبره المتتبعون لا يليق برئيس حكومة المفروض أن خرجته مدروسة ومحددة الأهداف.
وبخصوص تصور ما بعد 20 ماي، لم يكن رئيس الحكومة واضحا، إذ قال إن الحكومة ستعمل على وضع سيناريوهات دون أن يوضح متى سيبدأ هذا العمل ومتى سيتم إخبار الرأي العام به، وأكد العثماني أن المرحلة المقبلة ستكون أصعب بكثير، دون أن يوضح أسباب ذلك، كما أنه ترك علامة استفهام كبرى حول ما إذا كان الحجر الصحي سيرفع أم سيتم تمديده لفترة إضافية.
أما بالنسبة إلى الأسئلة التي تطرح حول التعليم ومصير السنة الدراسية وطريقة إجراء الامتحانات أو عودة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة والإجراءات المواكبة لذلك، فلم يقدم العثماني أي إجابات وترك الحيرة لدى المتتبعين، كل ما أكده هو أنه لا وجود لسنة بيضاء، وأرقام المشاهدات في القناة الأمازيغية فقط تعكس ذلك، لكن كل ما قاله “لا أحد يملك الأجوبة المطلقة”. وبخصوص إجراءات مواكبة الامتحانات أجاب “كولشي داكشي غادي نديروه.. وهناك سيناريوهات سيتم إعلانها في الأيام المقبلة.. مضيفا “لا وجود لحلول نهائية..”.
وبالنسبة إلى الدعم المالي، وعدد الأشخاص المستفيدين، قدم العثماني أرقاما فضفاضة “800 أو 900 ألف… 350 أو 400 ألف”، كما أن الأرقام التي قدمها تختلف عن تلك التي سبق أن قدمها وزير الاقتصاد والمالية أمام البرلمان، عندما تحدث عن استفادة 4.3 مليون أسرة من الدعم المالي المباشر، فيما تحدث العثماني عن دعم ما مجموعه 5.1 مليون شخص، فأيهما الأصح تلك التي قدمها بنشعبون أم العثماني، وهل يصدق الرأي العام أرقاما تتحدث عن عدد الأسر أم تلك التي تتحدث عن عدد الأفراد، مع العلم أن الفرق بين الرقمين شاسع.
وامتدت حيرة العثماني كذلك لتصور حول إعطاء انطلاقة جديدة للمجال الاقتصادي، إذ أكد أنه لا تصور عن ذلك، مضيفا أن كل قطاع سيعمل على وضع تصور وسيتم تجميع تلك التصورات ووضع تصور شامل، وهو ما تم اعتباره كلام غريب يتفوه به رئيس الحكومة، وحتى عن حجم الخسائر لم يقدم أرقاما، كل ما ذكره أن أزيد من 62 % من المقاولات صرحت بتوقفها، مؤكدا بشكل جازم “ليس هناك أحد في العالم يمكن أن يقدر الكلفة الاقتصادية”.
وفي ملف المغاربة العالقين، لم يقدم العثماني حلا، كل ما أكده أن ما يقارب 28 ألف مغربي عالق بالخارج، وأن السفارات والقنصليات تقدم لهم الدعم، مضيفا أن عودتهم “آتية لا ريب فيها” وذلك بعد فتح الحدود، متى ستفتح هذه الحدود وإلى متى سيصبر هؤلاء؟ لم يجب العثماني عن ذلك، مؤكدا أن عودتهم حق مشروع فيما يشبه تكرارا لتصريح وزير الخارجية ناصر بوريطة.
إجمالا، فشل العثماني في خرجته الحالية ك، كما فشل في الخرجة التي قبلها، فما السبب الذي يجعل العثماني يكرر مثل هذه الخرجات التي تعكس صورة سلبية؟ وهل لا يمتلك العثماني فريق للتواصل يحدد له مواعيد الخروج حين يمتلك المعطيات؟ ثم ما الهدف من خرجة لا معلومات فيها ولا تصور مستقبلي إضافة إلى الأخطاء غير المستساغة؟ وهل يقوم العثماني بـ “القتل” الرمزي لنفسه بهذه الخرجات أم أن هناك من يفرض عليه الخروج في أوقات غير مخطط لها.