أفتى المجلس العلمي الأعلى بالمغرب، بجواز عدم غسل وعدم تيمم المتوفين بسبب مرض فيروس كورونا المستجد، أخذا باعتبارات شرعية وصحية في ضوء الأحكام الشرعية المتعلقة بموتى المسلمين.
وأفاد المجلس في جواب فقهي على مطلب الفتوى، وجهه إلى وزير الصحة، أن المتوفى بسبب هذا المرض الخطير “يعتبر في حكم الشهداء في سبيل الله، لما يكون له من فضل ومكانة عند الله تعالى، ويناله عنده سبحانه وتعالى من عظيم الأجر والمثوبة، كما جاء ذلك في حديث نبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام”.
وأضاف المجلس الأعلى العلمي، وفق المصدر ذاته، أن هذه الفتوى تأتي “رعيا لضرورة الحفاظ على حياة الغير وسلامة المكلفين بجثتهم من التعرض لآفة العدوى بهذا الفيروس ووبائه الفتاك”.
ويتضح أن المجلس العلمي في إصداره لهذه الفتوى راعى مجموعة من النصوص والأحكام الدينية، ومنها أن شرع الإسلام كرم الإنسان حيا بعديد من مزايا التكريم، فشرع له ما يحفظ له الكليات الخمس الضرورية في حياته، والمتمثلة في حفظ الدين والنفس والعرض والعقل والمال.
وأورد المجلس، أن الإسلام كرم الإنسان ميتا، “بما شرع له من أحكام تحفظ له حرمته الشرعية وكرامته الإنسانية في هذه الحالة، وتتجلى في غسله وتكفينه والصلاة عليه وتشييعه إلى قبره ومثواه في جوار ربه”.
وأوضح المجلس، أن شرع الإسلام جعل القيام بهذه الأحكام التعبدية وفق الكيفية الشرعية المعلومة، فرض كفاية تجاه المتوفى، ما لم يتعذر القيام بشيء منها لداع من الدواعي يرجع إلى المتوفى أو غيره ممن يقوم بتلك الأحكام في ظرف من الظروف.
وأبرز المجلس، أن الإسلام يحرص من خلال النصوص الشرعية والأقوال والقواعد الفقهية، على صحة الأفراد في المجتمع وسلامتهم من التعرض لأية آفة أو مضرة تؤدي بحياة الإنسان وهلاكه بكيفية أو أخرى أثناء قيامه بجوابه التعبدي والمجتمعي.
ومن بين النصوص الشرعية التي استند عليها المجلس في فتواه، قوله تعالى “ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين”، وقوله سبحانه “ولا تقتلوا أنفسكم” (أي لا تتسببوا في قتلها بكيفية أو أخرى)، “إن الله كان بكم رحيما”.
كما استحضرت الفتوى القواعد الفقهية المقررة “الحرج مرفوع” مصداقا لقول الله تعالى “وما جعل عليكم في الدين من حرج”، موضحا أنه شرع الانتقال من العسر إلى اليسر ومن العزيمة إلى الرخصة في بعض الأحوال، نظرا لكون “المشقة تجلب التيسير” و”الضرورات تبيح المحظورات” و”الوقاية خير من العلاج” و”الواجب إذا تعذر سقط”.
كما أشار إلى ما نص عليه بعض علماء الفقه المالكي من أنه “لو نزل الأمر الفظيع بكثرة الموتى، فلا بأس أن يدفنوا بغير غسل”، لافتا إلى ما تبين طبيا من أن عملية غسل المتوفين من هذا المرض تشكل خطرا على المكلفين بإعداد الجثث ويتسبب في تفشي الوباء.