يدور هذه الأيام، نقاش حامي في أوساط الهيئة الوطنية للمساحين الطبوغرافيين، بعد أن تقدم خالد اليوسفي رئيس الهيئة بطلب إلى المهندسات والمهندسين الأعضاء فيها، من أجل المساهمة في صندوق تدبير جائحة كورونا، ما جرّ عليه انتقادات واسعة.
وترجع أسباب هذه الانتقادات، حسب مصادر مطلعة، ليس لأن المهندسين لا يريدون المساهمة في الصندوق، ولكن لأنهم يرون بأن الرئيس “يستغل اللحظة من أجل جمع أموال غير مشروعة”، وفي المقابل “لا يريد صرف أموال الهيئة التي تم جمعها بمساهمات المهندسين، البالغ عددهم 700 وطنيا في القطاع الخاص، لأن الرئيس يريد استغلالها في الحملة الانتخابية في شتنبر المقبل”.
وتضيف المصادر، أن الهيئة سقطت في تناقض غير مفهوم، فهي تطالب الحكومة بدعم المهندسين الذين انهارت أوضاعهم بسبب جائحة كورونا، وفي الوقت نفسه تتوجه إلى المهندسين من أجل المساهمة في صندوق كورونا، وهما أمران لا يمكن الجمع بينهما.
وقال مهندسون طبوغرافيون في اتصال مع جريدة “أمزان24″، إنه كان على رئيس الهيئة، أن يتوجه إلى الأقلية من المهندسين والمعروفة أسمائهم، والذين يحتكرون الصفقات المهمة ويستفيدون من الامتيازات، مستخدمين الأساليب المشروعة وغير المشروعة، ليساهموا في الصندوق باسم الهيئة مكان الأغلبية، التي تعيش ضغوطات مالية تهددها بالإفلاس حتى قبل حلول الجائحة.
وبالرجوع إلى معطيات إحصائية، منجزة من طرف الهيئة، فإن 83 بالمائة من المقاولات الطبوغرافية، تحقق رقم معاملات أقل من 300 مليون سنتيم سنويا، بينما 17 بالمائة تحقق أكثر من 300 مليون سنتيم، وأن 78 بالمائة تشغل أقل 15 مستخدم، في حين أن 22 بالمائة تشغل أكثر من 15 مستخدم، ما يدل على أن أغلب أغلب الصفقات والأشغال الطبوغرافية، مركزة في يد الأقلية من المقاولات التي لا تتجاوز 17 بالمائة.
وتضيف المعطيات التي حصلت عليها الجريدة، أن 17 بالمائة فقط من المقاولات هي المستمرة في العمل، و83 بالمائة المتبقية منها، 71 بالمائة توقفت عن العمل، وتعمل 12 بالمائة الأخرى عن بعد غالبا لتصفية الأشغال، ما يفيد أن وضعية المقاولات كانت سيئة من قبل أزمة فيروس كورونا.
وتقول الأرقام المتوفرة، أن أغلب المستخدمين سيتم تسريحهم في ظرف زمني لا يتعدى ثلاث أشهر، وأغلب هؤلاء يشتغلون مع 71 بالمائة من “المقاولات المنكوبة”، والمهددة بالإفلاس خلال ثلاثة أشهر.
هذا وتظهر المعطيات والأرقام السابقة، إلى جانب هشاشة قطاع مهم، أن أقلية ضئيلة تتحكم في الصفقات الكبرى وتستفيد من كل شيء ولا تترك للآخرين إلا الفتات، وهو ما دفع المهندسين إلى توجيه الرئيس لاستخلاص أموال المساهمة منها، أو المساهمة بأموال الهيئة المكونة من مساهماتهم وواحباتهم تجاه الهيئة، عوض أن يزيد من تعقيد الأوضاع المادية لأغلبية المهندسين، ليظهر أنه وطني على حساب الآخرين، على حد تعبير أحد المهندسين.
وتجدر الإشارة، إلى أن رئيس الهيئة، سقط في تناقض كبير بين مطالبته بدعم الحكومة للمهندسين لتجاوز الأزمة، وبين مطالبته المهندسين بالمساهمة في الصندوق، وهو الأمر الذي لم يجد له المهندسون الطبوغرافيين من تفسير.