في مواجهة الارتفاع المتسارع لحالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد ـ 19)، تجتاح اسبانيا بمختلف أطيافها سواء السياسية أو الاجتماعية حاليا كبقية دول العالم الأخرى موجة من الذعر من تفشي كبير وانتشار غير محدود لهذه العدوى وكذا من تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية .
ومع توالي إغلاق المدارس والجامعات والمعاهد العليا في مختلف مناطق البلاد خاصة في الجهات الأكثر تضررا من انتشار الفيروس مرورا بتعليق الرحلات الجوية من وإلى إيطاليا، وكذا إلغاء أو تعليق التظاهرات والأحداث الرياضية وإجراء البعض منها بدون جمهور، إضافة إلى الدعوة إلى العمل عن بعد وحث المواطنين على التقليل من السفر والتنقل والتزام منازلهم خاصة في بؤر انتشار الفيروس وغيرها من القرارات الأخرى، كلها تحيل على أن الحكومة الاسبانية قد تفاجأت بهذا السيل من عدد الإصابات ومن انتشار الفيروس، والذي شهد منحى تصاعديا منذ يوم الأحد الماضي مما دفعها إلى اتخاذ تدابير وإجراءات صارمة ومشددة في محاولة منها لتجنب “السيناريو الإيطالي” في التعامل مع هذه الجائحة بتعبير المنظمة العالمية للصحة.
وقال سلفادور إيلا وزير الصحة الاسباني في تصريحات في أعقاب الاجتماع الاستثنائي لمجلس الوزراء أمس (الخميس)، نحن نعمل على عدم الوصول إلى الوضع الإيطالي وكل الإجراءات التي نتخذها تسير في هذا الاتجاه”.
ومع التأكد من وجود 3142 حالة إصابة مؤكدة بالفيروس و 84 حالة وفاة حسب آخر حصيلة أعلنت عنها وزارة الصحة مساء أمس (الخميس)، تكون اسبانيا قد أصبحت الآن واحدة من بين أكثر الدول تضررا في العالم من تفشي وباء كورونا المستجد والثانية في أوربا بعد إيطاليا التي مات فيها بسبب الإصابة بالفيروس 1016 مع تسجيل أكثر من 15 ألف حالة إصابة مؤكدة.
وتعد جهة مدريد التي تتمتع بنظام الحكم الذاتي والتي أغلقت حكومتها المحلية جميع المدارس والجامعات والمتاحف والمراكز الثقافية والرياضية والاجتماعية لمدة 15 يوما على الأقل أكثر الجهات تضررا من انتشار الفيروس بتسجيلها حتى حدود مساء أمس الخميس 1388 حالة إصابة مؤكدة و 56 حالة وفاة.
كما أعلنت الحكومة الإسبانية منذ يوم الثلاثاء الماضي عن مجموعة من الإجراءات والتدابير بهدف مكافحة الوباء والحد من تداعياته الاقتصادية والاجتماعية.
وفي إطار هذه الإجراءات تقرر حظر جميع الرحلات الجوية المباشرة بين المطارات الإيطالية والإسبانية من 11 إلى 25 مارس كما تقرر إجراء جميع المنافسات الرياضية بدون جمهور مع تحفيز الشركات والمقاولات على إعداد جداول زمنية للموظفين والعاملين تتماشى مع هذه الأزمة أو العمل عن بعد لتجنب تفشي المرض.
وفي الجهات الأكثر تضررا من انتشار الوباء كما هو الحال بجهة مدريد اعتمدت السلطات المحلية تدابير إضافية مثل تعليق جميع اللقاءات والتجمعات العمومية التي تجرى في الأماكن المغلقة خاصة تلك التي يحضرها أكثر من 1000 شخص.
كما تم اتخاذ إجراءات مماثلة بالعديد من الجهات خاصة بإقليم الباسك وغاليسيا وكتالونيا وجزر الكناري وكاستييا وليون وكاستييا لامانتشا التي قررت السلطات المحلية بها إغلاق جميع المراكز التعليمية لمدة أسبوعين على الأقل في محاولة لاحتواء تفشي هذا المرض.
وقال وزير الصحة “كنا نود ألا نتخذ بعض الإجراءات والتدابير المعينة لأننا ندرك أنها تؤثر على الحياة اليومية للناس لكنها ضرورية وملحة”.
ولتمكين الجهات التي تتمتع بنظام الحكم الذاتي من الموارد المالية الكافية لمواجهة تفشي الوباء وتوفير الرعاية الصحية والطبية للأشخاص المصابين بفيروس كورونا المستجد، صادقت الحكومة الإسبانية المركزية أمس على مجموعة من الإجراءات والتدابير الاقتصادية التي تهدف إلى التخفيف من تداعيات انتشار الفيروس مع رصدها لمبلغ مالي يقدر ب 22 ر 18 مليار أورو منها 8 ر 2 مليار أورو موجهة للجهات.
ويتضمن هذا المخطط الاستعجالي تدابير وقرارات تستهدف بشكل خاص دعم وتعزيز القطاع الصحي وتقوية آلياته وحماية حياة الأسر مع دعم الشركات والمقاولات والقطاعات المتضررة خاصة السياحة والنقل والمقاولات الصغرى والمتوسطة.
وأكد بيدرو سانشيز رئيس الحكومة الإسبانية أن إسبانيا “تواجه مثل بقية دول العالم حالة طوارئ صحية غير مسبوقة” لكنه استبعد “فكرة إعلان حالة الطوارئ في البلاد في الوقت الحالي”.
وشدد سانشيز على أنه “سيتم اعتماد إجراءات وتدابير إضافية في الوقت المناسب إذا لزم الأمر ذلك من أجل الحد من انتشار الفيروس في إسبانيا ” ودعا المواطنين إلى تحمل” المسؤولية والانضباط الاجتماعي” من أجل التعامل مع هذا الوباء ومحاصرته والقضاء عليه في أقرب وقت ممكن.