رغم تصريح رئيس الحكومة سعد الدين العثماني خلال ندوة صحافية مشتركة مع وزير الصحة، بأنه لم يتم بعد تقييم التأثير الذي يخلفه انتشار فيروس كورونا في الاقتصاد المغربي، غير أنه لم ينفي وجود تأثير اقتصادي. فقد قال حينها إن الحكومة ستشرع في دراسة ذلك، بيد أن أولى المؤشرات بدأت في الظهور حتى قبل الإعلان الرسمي عن وجود حالتين للإصابة المؤكدة بفيروس “كوفيد19” بالمغرب.
وأمام تصاعد القلق عالميا من تأثرات الوباء اقتصاديا، يشير مراقبون إلى أن المغرب بدوره سيعرف ركودا اقتصاديا وآثارا كبيرة، خصوصا في حال التأخر في محاصرة الفيروس، وما سيزيد من حدة الآثار الاقتصادية هو الجفاف الذي يلوح بشدة في العام الحالي، ما سيدفع المؤسسات الاقتصادية إلى مراجعة توقعات النمو.
وفي السياق ذاته، كشفت نتائج البورصة يوم أمس (الجمعة 6 مارس) أنها تعيش ظرفية صعبة، حيث تراجع المؤشر البارحة فقط بـ 3%، كما تراجع بأكثر من 5,73% منذ بداية 2020، ويعود السبب الرئيسي في ذلك، إلى تراجع الشركات الكبرى، ليس بسبب ارتباطها بالخارج، بل بسبب التخوفات الكبيرة من فيروس كورونا.
وبدورها سجلت الخطوط الملكية المغربية تراجعا، ذلك أنها اضطرت لوقف الرحلات الجوية مع الصين، التي دشنتها قبل أسبوعين فقط من ظهور الفيروس المستجد، وتم ذلك باستثمارات كبيرة، لتبدأ بعدها سلسلة الإلغاءات بسبب لجوء المسافرين إلى تأجيل سفرهم، وهذا ما سيكبد “لارام” خسائرا فادحة.
قطاع السياحة أيضا يعرف تدهورا، حيث تشير الأرقام إلى أن 52 آلف من حجوزات السياح الصينين ألغيت، وهو الرقم الذي يمثل ثلث السياح الصينيين الذين زاروا المغرب السنة الماضية. وتشير التوقعات إلى أن 100 ألف سائح لن يأتوا إلى المغرب، بالإضافة إلى الخسارات التي ستتكبدها الفنادق والمطاعم وشركات النقل ووكالات الأسفار، خصوصا مع الإلغاء المؤقت لموسم الحج.
كما سجل أيضا نقص كبير على مستوى السلع المستوردة من الصين، حيث لم يعد التجار يتوصلون بها في الأوقات المحددة، علما أن واردات المغرب تتجاوز صادراته بالضعف، ورغم طمئنة التجار بأن السلع مازالت متوفرة في السوق، إلا أنها ستنفذ خلال شهر أبريل.
بالإضافة إلى ما سبق، أقدمت السلطات على إلغاء الكثير من التظاهرات ذات البعد الإقتصادي، من بينها المعرض الدولي للفلاحة بمكناس والذي يشكل فرصة كبيرة للرواج السياحي والاقتصادي، بالإضافة إلى خسارات الجمعيات والتعاونيات التي تروج منتجاتها بهذا المعرض. وإلغاء التظاهرات الفنية التي تشكل مناسبة كبيرة للرواج الاقتصادي، وكذلك منع جماهير كرة القدم من ولوج الملاعب الرياضية مما يفوت مداخل مهمة.
ومن المنتظر أن تنعكس هذه الآثار الاقتصادية في شكل آثار اجتماعية وخيمة، من قبيل فقدان عدد مهم من مناصب الشغل واستفحال البطالة، وزيادة الاحتكار والغلاء بالأسواق، خصوصا أن الاقتصاد المغربي قائم على الاستيراد.
وفي ظل غياب حل لوقف انتشار فيروس “كورونا” في العالم إلى حدود اللحظة، وأمام غياب استراتيجية وطنية للتخفيف من الآثار الاقتصادية التي يخلفها “حصار” الوباء للمغرب اقتصاديا، يبقى منسوب القلق من أزمة اقتصادية مرتفعا لدى الكثير من الخبراء والمراقبين.