في الوقت الذي خصص فيه الملك محمد السادس الحيز الأكبر من الخطاب السابق، بمناسبة ذكرى اعتلائه العرش، للعلاقات مع دولة الجزائر مؤكدا رغبته في إعادة فتح الحدود، تجاهل خلال خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب الإشارة إلى العلاقة مع الجار الشرقي، مركزا على الشركاء الأوروبيون للمملكة، وخاصة من اندلعت معهم أزمات دبلوماسية في الآونة الأخيرة.
في السياق ذاته، ولأول مرة، تطرق العاهل المغربي، في خطابه مساء أمس (الجمعة)، إلى العلاقة مع إسبانيا معلنا نهاية الأزمة الديبلوماسية التي امتدت لأشهر، مؤكدا على أن المغرب “لا يقبل أن يتم المس بمصالحه العليا.
وفي نفس الوقت، يحرص على إقامة علاقات قوية، بناءة ومتوازنة، خاصة مع دول الجوار”، مضيفا أن هذا هو المنطق “الذي يحكم توجهنا اليوم، في علاقتنا مع جارتنا إسبانيا”. وتابع الملك “صحيح أن هذه العلاقات مرت، في الفترة الأخيرة، بأزمة غير مسبوقة، هزت بشكل قوي، الثقة المتبادلة، وطرحت تساؤلات كثيرة حول مصيرها.
غير أننا اشتغلنا مع الطرف الإسباني، بكامل الهدوء والوضوح والمسؤولية”. وأوضح ملك البلاد أن العلاقة مع إسبانيا يتم تعزيزها “بالفهم المشترك لمصالح البلدين الجارين”، موضحا أن تابع “شخصيا، وبشكل مباشر، سير الحوار، وتطور المفاوضات”، مفيدا أن الهدف لم يكن هو الخروج من هذه الأزمة فقط، و”إنما أن نجعل منها فرصة لإعادة النظر في الأسس والمحددات، التي تحكم هذه العلاقات”.
وعبّر الخطاب الملكي عن الرغبة في مواصلة العمل مع الحكومة الإسبانية، ومع رئيسها، بيدرو سانشيز، “من أجل تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة، في العلاقات بين البلدين، على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات”.
وأشار الملك محمد السادس إلى العلاقة مع دولة فرنسا، خاصة بعد ما شهدته من اضطراب عقب اتهام المغرب بالتجسس على الرئيس الفرنسي وشخصيات أخرى، مؤكدا أن علاقات الشراكة والتضامن، بین المغرب وفرنسا، تقوم هي الأخرى على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات، موضحا أنه تجمعه روابط متينة من الصداقة والتقدير المتبادل بالرئيس إيمانويل ماكرون.
وبعث الملك محمد السادس برسائل قوية إلى البلدان الأوروبية مؤكدا أن “قواعد التعامل تغيرت”، متحدثا عن المؤامرة التي تتعرض لها البلاد والهجوم المتواصل عليها من طرف دول ومنظمات، مشيرا إلى أنه “تم تجنيد كل الوسائل الممكنة، الشرعية وغير الشرعية، وتوزيع الأدوار، واستعمال وسائل تأثير ضخمة، لتوريط المغرب، في مشاكل وخلافات مع بعض الدول”.
وفي إشارة إلى الأزمة مع برلين قال الملك إن “هناك تقارير تجاوزت كل الحدود. فبدل أن تدعو إلى دعم جهود المغرب، في توازن بين دول المنطقة، قدمت توصيات بعرقلة مسيرته التنموية، بدعوى أنها تخلق اختلالا بين البلدان المغاربية”.