في آخر خرجات قيس سعيد، الرئيس التونسي، لمخاطبة الشعب حول تطورات الوضع، تعمد إظهار خريطة غريبة ومثيرة في خلفية مكتبه، تضم بلدان المغرب العربي دون أي حدود واضحة بينها.
وتقدم الخريطة المثيرة، التي تعمد الرئيس التونسي إظهارها خلفه، أسماء أربعة بلدان عربية هي ليبيا وتونس والجزائر والمغرب، دون أن تظهر الحدود الفاصلة بينها، رغم أنها تشكل نواة الاتحاد المغاربي المجهض.
لكن المثير في الخريطة الظاهرة، غياب دولة موريتانيا التي تعد من الأركان الأساسية لبلدان المغرب العربي، كما لا تظهر الخريطة المذكورة الأقاليم الجنوبية المغربية، الأمر الذي أثار مجموعة من الأسئلة، لاسيما أن الخريطة وضعت عبارة “الصحراء” للدلالة على الامتداد الجغرافي للصحراء الممتدة من ليبيا إلى موريتانيا.
ويرجح أن تغييب دولة موريتانيا من طرف الرئيس التونسي عن الخريطة المذكورة، راجع إلى عدم رغبته في إظهار موقف حاسم لدولة تونس من النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، ذلك أن إظهار موريتانيا كان سيقتضي منه بالضرورة إعطاء موقف ضمني من النزاع المفتعل الذي يغديه جنرالات الجزائر.
جزء من الغموض الذي أثارته هذه الخريطة، يجد تفسيره في رغبة تونس في الحفاظ على التوازن الجيد في علاقاتها مع الدول المغاربية، لاسيما بين الجزائر والمغرب، ذلك إن إثارة موقف من الصحراء المغربية سيعني بالضرورة اصطفافا إلى جانب ضد الآخر.
وتسعى تونس، التي تعد العضو المغاربي والعربي الوحيد غير الدائم في مجلس الأمن، منذ صعود الرئيس قيس سعيد إلى إبداء مواقف متوازنة من الملفات المغاربية، بالرغم من الضغط الهائل الذي تمارسه الجزائر لاستقطابها إلى خانة معاداة الوحدة الترابية المغربية.
ويذكر أن ملك المغرب محمد السادس، سبق أن دعا في مكالمة هاتفية الرئيس التونسي إلى أن يحل بالمغرب، غير أن ترتيبات هذه الزيارة تأخرت أكثر من المتوقع، خاصة مع انتشار فيروس كورونا، غير أن المغرب فضل أن تكون أول زيارة لوزيرة خارجيته ناصر بوريطة خارج إلى البلاد موجهة لتونس، ما يؤكد المكانة الرمزية وطبيعة العلاقات بين البلدين.