بعد أسابيع من صدور التقرير البرلماني حول صفقات وزارة الصحة المتعلقة بتدبير جائحة كورونا، التي تمت خارج القوانين المعمول بها في الصفقات العمومية، طالبت “ترانسبارانسي” المغرب بفتح تحقيق قضائي في ما ورد فيه من حقائق خطيرة.
ودعت “ترانسبارانسي” المغرب، في بلاغ لها يوم الأربعاء الماضي، نظرا لخطورة التجاوزات التي لاحظتها اللجنة، هيئات الرقابة المؤسساتية لتحمل مسؤولياتها الدستورية، لا سيما المجلس الأعلى للحسابات والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها والنيابة العامة، من خلال الاجتهاد في التحقيقات لتحديد المسؤوليات والنتائج القانونية المترتبة عنها تطبيقاً لمبدأ المساءلة الدستوري، مطالبة الحكومة بمراجعة الإجراءات الحالية لتدبير الصفقات العمومية لوزارة الصحة لوقف النزيف الملحوظ في ظل استمرار الجائحة.
وقالت “ترانسبرانسي” المغرب، إنها أخطرت السلطات العمومية على أن “الغياب الشبه الكامل لتأطير الاستثناءات، يمثل بشكل واضح خطرًا كبيرًا على مستوى استغلال النفوذ وانعدام الأخلاقيات التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الفساد الذي يعرف تفشيا”، إثر إعلان الحكومة عن المرسوم الصادر في 16 مارس 2020، بشأن فرض إعفاءات استثنائية في مجال الصفقات العمومية من أجل الاستجابة للوضعية الصحية الطارئة وامتدادها إلى مجالات أخرى غير تلك المتعلقة بمجال الصحة.
وتابعت الجمعية نفسها “لقد اتضح على أن هذا الخطر حقيقي بالفعل”، مستحضرة تقرير اللجنة البرلمانية المتعلقة بتدبير 333 صفقة من ميزانية قطاع الصحة العمومية التي عززتها 3 مليارات درهم من صندوق التضامن الخاص بتدبير جائحة كورونا، إلى العديد من الاختلالات الصارخة والمتمثلة في عجز على مستوى الشفافية وانعدام تكافؤ الفرص.
وقالت “ترانسبارانسي” الاختلالات التي تمت ملاحظتها ليست شاملة، والوثائق التي تم تقديمها للجنة من قبل وزارتي الصحة والمالية غير مكتملة مع تسليمها بتأخير لأكثر من 5 أشهر، الأمر الذي يطرح التساؤل حول مدى تطبيق قانون الحق في الحصول على المعلومات بالنسبة للمواطنين في الوقت الذي تواجه فيه مؤسسة دستورية صعوبات وعراقيل؟. واستحضرت ترانسبرانسي المغرب بعض الأمثلة على الاختلالات التي استعرضها التقرير، مشيرة إلى عدم احترام القانون رقم 84-12 الصادر في 30 غشت 2013 والذي ينص على إلزام وزارة الصحة والشركات العاملة في قطاع الصحة بتسجيل هذه الشركات ومنتجاتها وسلعها حتى تتمكن من مزاولة العمل في هذا القطاع.
ورصد التقرير إبرام عقود مع شركات غير مسجلة لدى الوزارة واقتناء لوازم شديدة الحساسية غير مسجلة و/ أو مسجلة باسم شركات أخرى وتهميش المنافسين ذوي الملفات الجاهزة ولكن لم تتم دراستها على الرغم من تذكير المعنيين لوزارة الصحة، ملاحظات تشكل براهين للمحسوبية، والمعاملة المزدوجة لطلبات تسجيل الشركات والمواد، وانتهاك مبدأ المنافسة العادلة وتكافؤ الفرص.
كما لفت التقرير، وفق بيان الجمعية، إلى وجود تسامح مع الترويج لمواد لم تثبت فعاليتها من قبل لجنة تقنية ودون رقابة مسبقة، وهي شروط يجب أن تكون سارية مهما كانت الظروف، ما يعرض صحة المرضى والعاملين في قطاع الصحة للخطر. ولوحظ، وفق الجمعية، وجود ثغرة كبيرة في تراخيص الاستيراد لأجهزة التنفس وأجهزة الأكسجين عالية التدفق بينما توجد بدائل اقل ثمنا، إضافة إلى اختلالات في الصفقات المتعلقة بالاختبارات المصلية بقيمة 213،918،000 درهم من حيث السعر وتواريخ انتهاء الصلاحية.
في حين أن هذا الاختبار يباع بحوالي 40 درهمًا للوحدة في فرنسا، فقد قامت الوزارة بشرائه بسعر 99 درهمًا، بتكلفة زائدة تبلغ 59 درهمًا على الرغم من تواريخ انتهاء الصلاحية التي لا تتجاوز 3 أشهر.
وأوضحت الجمعية نفسها، أنه إضافة إلى هدر أموال دافعي الضرائب، هناك استبعاد لفحوصات اللعاب التي يمكن أن تساهم في الكشف عن الوباء وتخفيف الضغط على المستشفيات العمومية وتخفيف العبء المالي الباهظ الذي يتحمله المواطنون، ويستفيد من هذا الوضع اختبارات الكشف عن فيروس كوفيد (PCR) الذي يعكس نزعة مصلحية واضحة.