حسم عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، الجدل بخصوص موعد إجراء الاستحقاقات الانتخابية، مؤكدا عدم خضوعها لأي تأجيل، ما يفيد أن إجراءها سيتم بعد شهر من الآن، في ظرفية تشهد فيها البلاد أوضاعا صحية صعبة، مع توالي التحذيرات من انهيار المنظومة الصحية المغربية، ما يطرح أسئلة حول مصير الحملات الانتخابية المرتقب انطلاقها يوم 26 غشت الجاري.
وفي وقت لم توضح بعد وزارة الداخلية ضوابطها، ظهرت أصوات تحذر من أن تصبح الاستحقاقات المقبلة نقطة تحول إلى وضع صحي سيء بسبب الحملات الانتخابية، لاسيما أن حملة الانتخابات المهنية شهدت تجاوزات أحزاب سياسية لم تلتزم بالإجراءات الصحية المعمول بها.
وفي غياب تحديد طريقة إجراء الحملات الانتخابية، يبدو إلى حدود اللحظة أنها ستخضع للإجراء المتعلق بمنع حضور أكثر من 25 شخص خلال اللقاءات والتجمعات، بعد الحصول على ترخيص خاص، ما يطرح تساؤلات حول ضمانات التزام الأحزاب السياسية بهذا الإجراء وباقي التدابير الصحية، ومدى قدرتها على ذلك.
ويشار إلى أن الحملات الانتخابية، بالشكل المتعارف عليه من قبل، ستشكل المناخ المناسب لانتشار جائحة كورونا، خاصة أنها تعتمد تنظيم التجمعات الكبرى واللقاءات والمسيرات على الأقدام داخل الأسواق والأماكن العمومية والأحياء الشعبية وغيرها، ما سيجعل مختلف الأحزاب غير قادرة على ضبط التزام هذه الأنشطة بالتدابير الصحية، مهما كانت صرامتها في ذلك.
وعلى صعيد آخر تهدد الحملات الانتخابية، في حال عدم انضباطها للإجراءات الصحية، بارتفاع ميزانية الانتخابات، المحددة بموجب قانون مالية 2021 في 1.5 مليار درهم، في حال زاد ارتفاع الحالات المصابة بكورونا بسببها، في ظل الوضع الوبائي الصعب، ما سينتج عنه امتلاء للمستشفيات وأسرّة الإنعاش وارتفاع ميزانية التكفل بالمصابين.
وفي المقابل، سيشكل عدم إجراء الحملات الانتخابية، تهديدا لنسبة المشاركة في الانتخابات، خاصة إذا تم منع التجمعات الخطابية وفرض انضباطها لعدد معين من الحضور، ومنع الجولات والمسيرات في الأزقة والشوارع والأسواق والقيساريات للدعاية للأحزاب السياسية، والتقليل من الزيارات المباشرة في المنازل، والتواصل المباشر بين المنتخبين والمرشحين، ما يجعل السلطات العمومية أمام مفارقة كبيرة.
وأمام الوضع الصحي الصعب، يرجح أن تعتمد الأحزاب السياسية بشكل أكبر على تكثيف الندوات واللقاءات الافتراضية، والحضور بقوة على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات التراسل الفوري، للدفاع عن برامجها الانتخابية وحشد الأصوات الانتخابية، بدل الاكتفاء بالأساليب الدعائية التقليدية.
ويذكر أن تخوفات كبيرة ترافق الاستعدادات للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، خاصة إبان الحملات الانتخابية، وخلال يوم الاقتراع، إذ يرتقب أن تشكل أرضية مناسبة للانتشار الوبائي، ما سيزيد من تعقيد الوضع الصحي الصعب الذي يعيشه المغرب، والذي يسجل خلال الأيام الجارية أرقاما قياسية في عدد الإصابات الوفيات وسرعة انتشار الفيروس.