بمجرد إعلان قيس سعيد، الرئيس التونسي، لقرارات جديدة أنهى عبرها مهام رئيس الحكومة هشام المشيشي وجمّد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن نوابه، عقب ترؤسه اجتماعا طارئا جمع قيادات عسكرية وأمنية بقصر قرطاج، كان إسلاميو المغرب أول من أعلنوا موقفهم الرافض لهذه القرارات، معتبرين أنها تمهيد للانقلاب على الديمقراطية.
وإلى جانب سيل من التدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي الرافضة لقرارات قيس سعيد، بادر إسلاميو المغرب إلى إصدار مواقف رسمية مما يجري في تونس، وذلك رغم ما شهده الشارع التونسي من تأييد لهذه القرارات، مقابل رفضها من أحزاب سياسية وعلى رأسها حركة النهضة، التي ترى بأن القرارات تستهدفها.
أول المنددين من التنظيمات الإسلامية المغربية بقرارات قيس سعيد كانت جماعة العدل والإحسان، التي عبّرت من خلال مسؤول علاقاتها الخارجية، محمد الحمداوي، عن تنديدها ب”الإنقلاب” في تونس داعية إلى رفض الخطوة التي قام بها قيس سعيد.واعتبر الحمداوي، أن “إقدام الرئيس التونسي قيس سعيد على تجميد عمل البرلمان وإقالة الحكومة خطوة مناقضة لدستور الثورة وانقلابا واضحا مدانا على التجربة الديمقراطية التونسية برمتها”، داعيا “كل القوى التونسية والشعب التونسي إلى رفض هذه الخطوة المتهورة التي قد تعيد تونس لا قدر الله إلى عهد الدكتاتورية المقيتة التي أسقطتها الثورة التونسية”.
ومن جانبه بدى حزب العدالة والتنمية متوجسا من إعلان موقفه الرسمي مما يجري بتونس، مفضلا تصريف خطابه الرافض لقرارات قيس سعيد عبر قنوات أخرى، ذلك أن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة والأمين العام للحزب، رفض التعليق على ما يجري، قائلا أن ذلك من اختصاص وزير الشؤون الخارجية.
بينما اكتفى سليمان العمراني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، في تصريح بالقول إنه “لا نتدخل في الشأن الداخلي التونسي احتراما لإخوتنا في تونس، وأيدينا على قلوبنا على التجربة التونسية، وكل الفاعلين في تونس قادرون على تجاوز الأزمة”.
وأضاف العمراني أن “ما وقع في تونس مؤلم لنا جميعا، نحن مشفقون على التجربة التونسية التي كانت ملهمة لكل التجارب الديمقراطية في السياق الإقليمي”، مؤكدا بأن التجربة التونسية “تعيش مخاضات آخرها ما وقع أمس، أملنا في المغرب وفي حزب العدالة والتنمية أن يلجأ الفرقاء إلى التوافق وتقريب وجهات النظر، بما يحفظ للتجربة التونسية ريادتها وإلهامها لباقي التجارب، وهم قادرون على ذلك وليس في ذلك شك”.
غير أن حزب العدالة والتنمية لجأ إلى تصريف موقفه من خلال دراعه الدعوي المتمثل في حركة التوحيد والإصلاح، إذ سارعت الحركة إلى التنديد بما يجري بتونس، معلنة رفضها القرارات التي اتخذها الرئيس التونسي، قيس سعيد، القاضية بتجميد عمل البرلمان.
وكشف عبد الرحيم الشيخي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، خلال ملتقى نظمته شبيبة “البيجيدي”، عن رفضه القاطع للانقلاب على التجربة الديمقراطية في تونس تحت أي مبرر، موضحا أن الخيار الديمقراطي أصبح بعد الحراك الديمقراطي الذي شهدته عدد من الدول العربية من الثوابت الجامعة للأمة، مشددا على وجوب المحافظة عليه وتعزيزه وترسيخه، وعدم قبول وتبرير أي تراجع يمس هذا الخيار.
وبينما لم يتردد إسلاميو المغرب في التعبير عن رفضهم، يشار إلى أن آراء باقي المغاربة انقسمت بين مؤيد ومندد بما يجري في تونس، فبينما اعتبر البعض أن القرار يشكل مسا خطيرا بالديمقراطية وانقلاب عليها، رأى آخرون بأنها إجراءات ضرورية لإيقاف تمدد حركة النهضة ومحاولة سيطرتها على مفاصل الدولة، فيما اكتفى آخرون باعتبار ما جرى شأنا داخليا تونسيا.
ويذكر أن الرئيس قيس سعيّد، أعلن، مساء أول أمس (الأحد)، عقب اجتماع طارئ مع قيادات عسكرية وأمنية، عن تجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، وهو القرار الذي قسم الشارع التونسي.