بعدما واكبت قناة “فرانس24” الانتخابات التشريعية التي تجري في الجزائر، راصدة فشلها، الذي تعبر عنه نسب المشاركة الضعيفة، بسبب مقاطعتها من طرف الحراك الجزائري وبعض الأحزاب، وعوض أن تعمل السلطات الجزائرية على إظهار عكس ما نقلته القناة الفرنسية، أصدرت قرارا بمنع اعتمادها نهائيا في الجزائر.
وفي وقت خرج عبد المجيد تبون، الرئيس الجزائري، بتصريح غريب عقب المشاركة الهزيلة في الانتخابات، قائلا بأن نسبة المشاركة لا تهمه، قام بالمقابل بتأكيد حقيقة عدم إعارته الانتباه للرأي العام وحرية التعبير في البلاد، عبر تضييقه على العمل الصحفي لتوجيهه نحو تزييف الحقائق.
وبعد أيام فقط من إعادة الترخيص لعودة قناة “الجزيرة”، بعد منع دام لسنوات، عقب مفاوضات انتهت باستضافة تبون في حوار تلفزيوني تضمن مجموعة من الأكاذيب، خاصة في علاة الجزائر بالمغرب، قام السلطات بمنع قناة “فرانس 24” الإخبارية، التي قدمت تغطية للانتخابات الجزائرية الأخيرة.
وقالت قناة “فرانس24″، في بيان لها، أمس (الأحد)، بشأن هذا القرار “بلغنا في نهاية هذا اليوم أن السلطات الجزائرية قررت سحب اعتماد مراسلينا في البلاد”، مستغربة “عدم تلقيها أي تفسير لهذا القرار”.
وذكرت قناة “فرانس24″، في البيان نفسه، بأن “تغطيتها للأحداث في الجزائر تتم دائما بكل شفافية وبحرص شديد على الاستقلالية والنزاهة كما هو الحال في تغطيتها للأحداث عبر العالم”.
وصرح الناطق الرسمي للحكومة، عمار بلحيمر، أن قرار سحب الاعتماد يرجع إلى “العداء الجلي والمتكرر لهذه القناة إزاء بلادنا ومؤسساتها وعدم احترامها لقواعد أخلاقيات المهنة وممارستها للتضليل الإعلامي والتلاعب، إضافة إلى العدوانية المؤكدة ضد الجزائر”.
ويرجع عداء السلطات الجزائرية لقناة “فرانس 24” إلى تغطيتها المستمرة لحراك الجزائر الرافض لاستمرار سلطة الجنرالات في البلاد، وكذا تغطيتها للمشاركة الضعيفة في الانتخابات، والتي استغرب محللون سياسيون جزائريون انتقالها من 14.5 في المئة إلى 30 في المئة في غضون ساعات قليلة قبل إغلاق مكاتب الاقتراع.
وأكد المحلل السياسي الجزائري عبد العالي رزاقي، في تصريح ل”فرانس 24″، أن عملية التصويت تعتبر بمثابة فشل للسلطة، وأن آلية التغيير تكمن في الدعوة إلى حوار وطني مع الحراك وتحديد انتخابات جديدة بعيدة عن المؤسسات العسكرية عن طريق إنشاء هيئة رسمية جزائرية وطنية وليست دولية.
وكان الرئيس تبون قد صرح قائلا “ما يهمني أن من يصوت عليهم الشعب لديهم الشرعية الكافية لأخذ زمام السلطة التشريعية”، وذلك في سياق توضيح عدم اهتمامه بنتائج الانتخابات، بالرغم من أنها تعد أحد أبرز أوجه الديمقراطية.