في سياق الأزمة الأخيرة بين برلين والرباط، لجأ المغرب إلى تحريك أوراقه في مواجهة المواقف العدائية لألمانيا، ومنها توقيفه المؤقت خطة حياد الطاقة الألمانية، يعدما شهد مشروع الطاقة بعض الاضطرابات، منذ أن اتخذت التوترات بين البلدين منعطفًا كبيرًا في الأشهر الأخيرة.
وتشير المصادر، إلى أن وزارة الخارجية الألمانية وبنك التنمية الألماني غير قادرين على إعطاء جدول زمني دقيق لاستئناف العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ما يعرض للخطر استثمار 2 مليار يورو (21.6 مليار درهم) من ألمانيا في خطتها لحياد الطاقة.
وأكدت صحيفة “إلموندو”، أن المغرب يرغب في إعادة النظر بشكل نهائي في الصفقة، ما قد يقوض بشكل خطير طموحات ألمانيا في مجال حياد الطاقة، ذلك أن ألمانيا تراهن في مشروع الهيدروجين الاخضر بشكل كبير على المغرب، خاصة وأن هذا المشروع يدخل إطار استراتيجية الهيدروجين الوطنية للحكومة الألمانية الاتحادية الرامية إلى دعم بناء محطات إنتاج “نفط المستقبل النظيف” باستخدام الطاقة الشمسية.
وسبق مؤسسة هاينريش بول، وهي منظمة سياسية خضراء مقرها في الرباط، أن أكدت أن “المغرب بلا شك مقدمة لسياسة المناخ والطاقة في إفريقيا، ولكن أيضا في بقية العالم”. وترجح تقارير ألمانية، أن يصبح المغرب موّردا دوليا هاما للطاقة المتجددة. فبحلول العام 2030 سيصبح قادرا على تغطية 2 إلى 4 في المائة من الحاجة العالمية إلى مواد الطاقة والاحتراق من الهيدروجين الأخضر.
وتشير المعطيات، إلى أنه في صالح ألمانيا أن يتم التوصل إلى حل مع المغرب والتغلب على هذه التوترات، ذلك أن الوضع الحالي يؤذي كلا الجانبين، وأكدت الخارجية الألمانية أنه “إذا استمر الوضع الحالي، فإن الحكومة الألمانية ترى أنه لا يمكن استبعاد العواقب السلبية على إنشاء الشركات وجاذبية السوق”.
وبحسب صحيفة “إلموندو”، التي نقلت رد الحكومة الألمانية، فإن الشراكة الألمانية المغربية في مجال الهيدروجين “مازال محل اهتمام مشترك من وجهة نظر الحكومة الفيدرالية الألمانية، لكنها تخضع للاختبار بسبب التطورات الحالية”.
ومن جانبه، صرح بنك التنمية الألماني (KfW)، الشريك الرئيسي في هيكلة القروض بين البلدين في هذا المشروع، للمصدر ذاته، بأن جميع المشاريع بين البلدين متوقفة مؤقتًا. وأوضحت الخارجية الألمانية أن المغرب لن يتلقى الأموال الموعودة إلا إذا “أوفى بالتزاماته التعاقدية”.
ويذكر أن ألمانيا كانت قد شرعت في اختبار ودراسة خيارات الاستخدام في السوق المغربية، وكذلك إمكانات التصدير إلى ألمانيا، مراهنين على أن بداية إكمال المشروع الأولي ستكون اعتبارا من 2025 بطاقة إنتاجية تصل إلى 10000 طن من الهيدروجين سنويا.
ويشار إلى أنه بعد أن قدمت الحكومة الألمانية استراتيجيتها الوطنية للهيدروجين، في يونيو 2020، كان المغرب أول بلد يوقع مشروعًا مشتركًا لتطوير الهيدروجين الأخضر. ودعت الخطة المغرب إلى الشراكة مع وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية لقيادة مشاريع بحثية واستثمارية مشتركة في مجال استخدام الهيدروجين، وهو جزء لا يتجزأ من أهداف حيادية الطاقة في البلاد.
وكانت الأزمة بين المغرب وألمانيا، قد وصلت مستويات غير مسبوقة بعدما قرر المغرب استدعاء سفيرته من برلين للتشاور، مشددا على أن الحكومة الألمانية “راكمت المواقف العدائية التي تنتهك المصالح العليا للمملكة”، وأنها سجلت موقفا “سلبيا وعدائيا” بشأن قضية الصحراء المغربية، بعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة المغربية على كامل صحرائه، مشددا على أن هذا “يعتبر موقفا خطيرا لم يتم تفسيره لحد الآن”.