كشفت لجنة النموذج التنموي الجديد عن وصفتها لبنــاء “رأســمال بشــري ذي جــودة عاليــة، ومؤهــل بشـكل أفضـل للمسـتقبل”، مؤكدة أن تحقيق ذلك يتطلـب “نهضـة تربويـة ناتجـة عـن تحـول عميـق للمدرسـة المغربيـة يتـم إرسـاؤها علـى نمـاذج جديـدة مسـخرة لإعداد أجيـال شـابة تتمتـع بالاستقلالية وقـادرة علـى اختيـار مشـاريعها الشـخصية وممارسـة حقوقهـا فـي تلازمها بواجبـات المواطنـة”.
وأوضحت لجنة بنموسى، في تقرير عام قدمته أمام الملك محمد السادس، مساء أمس (الثلاثاء)، اطلعت صحيفة “أمزان 24” على نسخة منه، أنه مـن أجـل غايـة بناء الرأسمال البشرس، “يتمثل الرهـان المتعلق بهـذا الالتزام فـي اعتمـاد “الصدمـة العلاجية” التـي تهـدف إلـى إطلاق ديناميـة قـادرة علـى تحقيـق قفـزة نوعيـة ذات أثـر قـوي يشـمل جميـع المسـتويات التعليميـة”.
تشخيص الوضع..
وشخصت اللجنة نفسها الوضعية الراهنة في قطاع التعليم، مقدمة أهم مشكلاتها ومنها وجود اختلالات في التعلم، وارتفاع نسبة الهدر المدرسي، وتفاقم الفوارق بين التعليم الخاص والعام، وكذا ضعف مستوى المدرسين وتراجع وضعيتهم المادية، وغياب التقييم والدعم للتلاميذ، ووجود اختلالات في النموذج البيداغوجي، إضافة إلى اختلالات تحد من دور المدرسة في التربية على القيم، وكذا على مستوى تخطيط وتنفيذ الإصلاحات.
أهداف في أفق 2035
وتراهن لجنة النموذج التنموي الجديد على الوصول إلى مجموعة من الأهداف في أفق سنة 2035، منها “اكتســاب مــا لا يقــل عــن 90 % مــن التلاميذ المتمدرســين الكفايــات الأساسية فــي القــراءة والرياضيــات (30 في المئة حاليــا) عنــد نهايــة التعليــم الابتدائي”.
كما تهدف اللجنة إلى “بلـوغ المغـرب مرتبـة لا تقـل عـن 450 نقطـة حسـب تصنيـف تقاريـر البرنامـج الدولـي لتقييـم الطلبـة، تقييـم الاتجاهات الدوليـة فـي دراسـة الرياضيـات والعلـوم وبرنامـج البحـث الدولـي فـي القـراءة المدرسـية (370 نقطـة حاليـا كمتوسـط للتصنيفـات الثالثـة)”.
وتريد اللجنة الوصول إلى “إتمـام أكثـر مـن 90 % من التلاميذ المسـجلين فـي السـنة الأولى مـن التعليـم الابتدائي تعليمهـم الإلزامي وحصلوهـم علـى دبلـوم التعليـم العمومـي أو المهنـي (50 %حاليـا). كما أن يحصــل جميــع حاملــي البكالوريــا، علــى الأقــل، علــى مســتوى متوســط فــي لغــة أجنبيــة، أي مســتوى يســاوي أو يفــوق 30 (%B2 حاليــا).
هذا وتقترح لجنة بنموسى تأهيل المدرسين وجعل تقييم الأداء هو المعيار الوحيد للترقي في مسارهم الوظيفي، وكذا عبر جعل التلاميذ محمور إصلاح منظمة التربية من خلال ضمان مواكب نتج، وتجديد الأساليب التربوية من خلال البحث العلمي والتجريب.
تأهيل الرأسمال البشري
كما ستتم عملية تكوين الرأسمال البشري، وفقا للجنة بنموسى، عبر تكريـس دور المدرسـة فيمـا يخـص التربيـة علـى القيـم مـن خـلال تكوينـات متجـددة فـي مجـال المواطنــة والديــن، وأيضا في منح استقلالية أكبر للمدارس وتعزيز دور المدير، وإرساء آلية تحفيزية لمنح “شهادة الجودة” للمؤسسات، وتفعيلها بمبادرة من هيئة التدريس.
وتشمل وصفة بنموسى كذلك تجديــد نظــام التكويــن المهنــي وضمــان شــروط تنفيــذ ناجــح لخارطــة الطريــق المتعلقــة بمــدن المهــن والكفــاءات، وتعزيز قدرات التخطيط والتنفيذ لإنجاح الإصلاحات.
النهضة التربوية المغربية
ويروم النموذج التنموي الجديد كذلك تنزيل مشروع “النهضـة التربويـة المغربيـة”، الذي يقتضـي، حسب اللجنة نفسها، تنفيذا حازمـا لعدة إجـراءات إصلاحية تمـس النقـاط الرئيسـية لجـودة التعليـم المتمثلـة فـي: أداء هيئـة التدريـس، والنمـوذج البيداغوجـي، وتدبيـر المؤسسـات التعليميـة.
وأشارت اللجنة إلى أن برنامـج العمـل هـذا تقـوده إرادة فـي إحـداث قطيعـة حاسـمة علـى مسـتوى كل المحـددات السـالفة الذكـر عـن طريـق إجـراءات ذات أولويـة، وتتمثل في إحداث بنية لدعم معاهد تكوين المدرسين “مركز التميز للأستاذية”، وتنظيم مسار التلميذ(ة) كمستويات للتعلم، ثم الاستثمار بقوة في الطفولة المبكرة، وكذا تنمية تدابير دعم النجاح المدرسي، وإجراء جعل التربية على المواطنة والحس المدني في صلب المشروع التربوي، إضافة إلى إحداث علامة الجودة للمؤسسات التعليمية وتجديد المسار الوظيفي للمدرسين.
وأكد تقرير اللجنة أن تفعيــل هذه الإجراءات المقترحــة فــي إطــار هــذا البرنامــج يتطلب “قيــادة اســتراتيجية وتنفيذيــة صارمتيــن، تسـتلزم تعزيـزا مهمـا للمـوارد البشـرية علـى مسـتوى الإدارة المركزيـة، والأكاديميات والهيئـات المختصـة (مركـز التميـز للأستاذية، جهـاز التصديـق، الهيئـة الوطنيـة للتقييـم). ولهـذه الغايـة، اقترحت اللجنة إنشـاء فريـق عمـل خـاص مختلـط يتألـف مـن ممثليـن عـن الـوزارة وخبـراء وأعضـاء وحـدة دعـم التنفيـذ لـدى رئيـس الحكومـة.
الأفق الزمني والكلفة المالية
وبخصوص الأفق الزمني، اقترحت اللجنة تنزيل متدرج للإجراءات على مدى خمس سنوات، موضحة أن برنامـج الإجراء “النهضـة التربويـة المغربيـة” يتطلب رصـد حوالـي 15.5 مليـار درهـم سـنويا بأقصـى سـرعة (“مركـز التميـز للأستاذية “1.5 مليـار درهـم في سـنة، نظام أساسـي جديـد للمدرسـين 12 مليـار درهـم في السـنة، شـهادة الجـودة للمؤسسـات المدرسـية 2 مليـار درهـم في السنة).