في الوقت الذي وافق حزب العدالة والتنمية على اتفاق “التطبيع” مع إسرائيل، بتوقيع أمينه العام، سعد الدين العثماني، الذي يقود الحكومة المغربية، الاتفاق الثلاثي، الذي جمع كل من المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، عاد الحزب ليركز كامل جهده خلال الأسبوعين الماضيين على التضامن مع المقدسيين، وصياغة بيانات التنديد، والدعوة إلى المشاركة في احتجاجات منددة بالعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين.
وخلّف سلوك “البيجيدي” المتناقض، بين تأييده عملية “تطبيع” العلاقات وجلوس وزرائه مع الوزراء الإسرائيليين، وتصعيد لهجته خلال الصراع الأخير الذي شهدته الأراضي الفلسطينية، موجة من الاستغراب لدى المتتبعين.
واستنتج مراقبون أن لجوء حزب العدالة والتنمية لذلك راجع إلى محاولة استرجاع شعبيته وسط أنصاره، والتي فقدها جراء التنازلات التي قدمها، كما أن الحزب يبعث رسائل إلى تيارات الإسلام السياسي عربيا بأنه مازال ثابتا على مواقفه، في محاولة لإعادة ترميم علاقته بهم، لاسيما مع حركة حماس التي أفرد لها تهنئة خاصة، دون باقي فصائل المقاومة، بمناسبة وقف إطلاق النار بين الفلسطينيين.
وبينما تقترب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وتزداد عملية التنافس السياسي بين الأحزاب شراسة، اقتنص حزب العدالة والتنمية الفرصة للعمل على تحسين صورته، وانكب عبر وسائله الدعائية في إظهار معارضته وتنديده بالعدوان، والأكثر من ذلك أن فريق الحزب بمجلس النواب طالب بوقف اتفاق “التطبيع”، رغم تأييد وزراء الحزب للاتفاق الثلاثي، وخروج الزعيم السابق للحزب، عبد الإله بنكيران، للدفاع عن توقيع العثماني للاتفاق.
وردا على هذا التناقض في موقف “البيجيدي”، عبرت الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع، في رسالة إلى عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذوكس، وخالد مشعل، رئيس حركة حماس بالخارج، عن دهشتها الكبيرة من ورود اسميهما وصورتيهما في منشور حزب سعد الدين العثماني، “المطبع مع الكيان الصهيوني ومجرمي الحرب الصهاينة”.
ووصفت الجبهة، في الرسالة نفسها، سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، بأنه هو “من وقع بخط يده اتفاقية التطبيع مع الكيان الصهيوني في العاشر من دجنبر/كانون الأول من السنة الفارطة، وصافح وجالس أحد أكبر عتاة الإجرام الصهيوني، وأحد من أشرفوا بشكل مباشر على العمليات العسكرية على غزة الأبية، وأمر بقتل ما يقرب من 250 فلسطينيا وجرح 1900 آخرين، أطفالا ونساء وشيوخا داخل بيوتهم، ودمر العشرات من المنازل والعمارات والمدارس والمستشفيات خلال شهر ماي/ أيار الجاري”.
وقالت الجبهة في رسالتها بأن العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، “مطبع مع المجرمين الصهاينة، وألا تعامل مع المطبعين أو المباركين للتطبيع أو الساكتين عنه”، داعية خالد مشعل وعطا الله حنا، إلى عدم وضع أيديهم “في أيدي من صافح المجرمين الصهاينة وجعل منهم حلفاءه”.
ويشار إلى أن حزب العدالة والتنمية ركز عبر موقعه الإلكتروني على تقديم تغطية واسعة لما يجري بالأراضي الفلسطينية، وعلى حشد أتباعه للتضامن، ما فسره متتبعون بمحاولة الاستغلال السياسي للملف الفلسطيني في استرجاع شعبية الحزب التي افتقدها بعد ولايتين حكوميتين، وتقديمه لتنازلات كثيرة، وذلك سعيا منه للحفاظ على القاعدة الانتخابية التي بدا أن قرار “التطبيع” أغضبها بشدة.