في الوقت الذي صعّدت فيه اسبانيا من هجومها ضد المغرب، مستعينة بالاتحاد الأوروبي، خلال الأزمة التي تعرفها مدينة سبتة المحتلة، بغاية التغطية على فضيحة استضافتها لزعيم الميليشيات الانفصالية “إبراهيم غالي”، تواصل سفن الصيد الإسبانية استنزاف الثروات السمكية، مستفيدة من الامتيازات الجمة التي يتضمنها اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
وبينما تحاول إسبانيا التكثيف من هجومها الإعلامي على المغرب لجره إلى طاولة المفاوضات من جديد، تتغافل عن كون المغرب تربطه علاقات قوية بالاتحاد الأوروبي، وأن المستفيد الأبرز منها هي دولة إسبانيا، وأنه يمتلك العديد من أوراق الضغط التي لم يلجأ إليها بعد، ومن بينها اتفاقية الصيد البحري.
وتشير المعطيات إلى أن اتفاقية الصيد البحري الموقعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، تخول ل128 سفينة أوروبية، منها 100 سفينة إسبانية، الصيد على طول الساحل الأطلسي للمغرب، الذي يمتد من خط العرض 35 إلى خط العرض 22، أي من كاب سبارطيل قرب طنجة حتى الرأس الأبيض بالأقاليم الجنوبية على الحدود مع موريتانيا.
وتعد إسبانيا واحدة من أكثر الدول الأوروبية ال11 المعنية باتفاق الصيد البحري استفادة من هذا الاتفاق، ذلك أنها تمتلك 100 سفينة، من بينها 54 سفينة تخص إقليم الأندلس لوحده، في حين تتوزع باقي السفن ال28 على كل من البرتغال وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وليتوانيا وهولندا وإيرلندا وبولونيا وبريطانيا.
ويعد اتفاق الصيد البحري مع المغرب الأساس الاقتصادي بمدينة الأندلس، التي تصنف من أكثر المدن الإسبانية فقرا، وذلك لاحتوائها على مصانع تصبير السمك وكذا معامل الصناعات التحويلية المرتبطة بها، وهو الأمر الذي يوفر لها آلاف مناصب الشغل سنويا، والتي يتوقف نشاطها على اتفاقية الصيد مع المغرب.
وينص البروتوكول على أن سفن الصيد مسموح لها بصيد 80 ألف طن سنويا، مقابل تعويض يبلغ 52.2 مليون يورو، وهو المقابل الذي يقول مراقبون أنه غير كافي، وأن المغرب تنازل في هذا الجانب نظرا للضغوط التي مورست عليه بشأن عدم إدخال السواحل المقابلة للأقاليم الجنوبية ضمن الاتفاق.
وتؤكد مصادر متتبعة للموضوع، أن إسبانية تستفيد من غياب المراقبة المشددة والصرامة الكافية، لتقوم بالعديد من التجاوزات على السواحل المغربية، ومنها اعتماد السفن الإسبانية لتقنيات صيد محظورة دوليا، منها تقنية الجر، التي تستنزف الأنواع الجيدة من الأسماك، بهامش خطأ ممثل في 5 في المئة فقط، وهو الأمر الذي ينتج عنه صيد الدلافين والسلاحف وأصناف معرضة للانقراض.
وتشير المصادر إلى أن السفن الإسبانية، وإلى جانب استنزافها للثروة السمكية المغربية، تقوم بعملية التفريغ في جزر الكناري، هذه الأخيرة التي تستفيد من عائدات عملية التفريغ وتشغيل يد عاملة مهمة.
ويذكر أن هذه الاتفاقية تعد من أبرز نقاط الضغط التي يمتلكها المغرب تجاه الاتحاد الأوروبي، ذلك أن توقيفها سينتج عنه تشريد آلاف العمال بإسبانيا وبلدان أخرى، وتوقف اقتصاد مدن بأكملها تنشط في المجال، في حين أن المغرب تعاقد مع بلدان أخرى مثل روسيا، وبإمكانه الانفتاح على السوق الآسيوية في هذا المجال.