رغم الموقف السابق الذي اتخذته المملكة المغربية بتطبيع العلاقات الديبلوماسية مع دولة إسرائيل، إلا أن مؤشرات باتت توحي بإمكانية مراجعة هذا الموقف في أي وقت، خاصة بعدما استفحل العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، والذي نتج عنه إلى حدود اليوم استشهاد 174 شهيدا، بينهم 47 طفلا 29 امرأة، بينما تجاوز عدد المصابين 1200.
وعبّر سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، خلال مقابلة مع قناة الجزيرة، يوم أمس (الأحد)، على أن المغرب اختار الجانب الذي يدعمه، وهو جانب الحق الفلسطيني، مؤكدا أنه من خلال كافة التحركات المغربية “اخترنا دعم صمود الشعب الفلسطيني الذي يستحق منا كل التحية، وهو خيار سياسي بالنسبة للمغرب، والمبادرات المغربية ستتوالى لدعم الحق الفلسطيني سياسيا أولا، وكذلك عمليا وميدانيا”.
وفي الوقت الذي غادر فيه ديفيد كوفرين، المسؤول عن مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، دون تحديد موعد للعودة، أمر الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، بإرسال 40 طنا من المساعدات الغذائية والدوائية للفلسطينيين، تضامنا معهم في المحنة التي يمرون منها جراء القصف اليومي والمتواصل من طرف الجيش الإسرائيلي.
وبينما أفاد المكلف بمكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط عبر تغريدة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، بأن سبب مغادرته المغرب هو مرض والده وبأنه سيعود بعد عيد نزول التوراة، أوضحت معطيات أخرى أن خرجته كانت بتوجيه من الخارجية الإسرائيلية لإزالة الغموض، مؤكدة احتمالية أن الرباط أبلغت مكتب الاتصالات أنها غير راضية عن التطورات الأخيرة الناتج عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وبرز الموقف المغربي الرسمي من خلال التعبئة الشعبية التي انطلقت منذ الأيام الأولى للعدوان، فبالرغم من المنع الذي تعرضت له بعض الوقفات التضامنية مع المقدسيين، إلا أن السلطات سمحت بالوقفات المنددة بالهجمات الإسرائيلية، وهي الوقفات التي شهدتها مختلف المدن المغربية.
وينضاف إلى المؤشرات السابقة، القلق المغربي من ترحيب الإدارة الأمريكية الجديدة بجزء واحد من الإعلان الثلاثي، والذي يتعلق بالاتفاق على عودة العلاقات المغربية الإسرائيلية، في حين تجاهلت الجزء المتعلق بالاعتراف بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، رغم عدم صدور أي موقف يراجع قرار الاعتراف هذا، وهو القلق الذي عبر عنه المغرب بطريقة غير رسمية من خلال مقال لمحمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون بالمغرب.
وينتظر أن يواصل المغرب ضغطه على السلطات الإسرائيلية من أجل وقف العدوان على الفلسطينيين، والحفاظ على الوضع الخاص لمدينة القدس، والدفاع على إقامة دولة فلسطين، على حدود سنة 1967، وعاصمتها القدس الشريف، وهو الموقف الذي قد يحمل في أي وقت وقف العلاقات مع دولة إسرائيل وإقفال مكتب الاتصالات الإسرائيلي في الرباط.
وجدير بالذكر أن مختلف الوقفات الاحتجاجية التي نظمت ب40 مدينة مغربية، أكدت إلى جانب التضامن مع القضية الفلسطينية، على ضرورة “إسقاط قرار التطبيع”، مطالبة بطرد السفير الإسرائيلي من المغرب واستدعاء ممثل مكتب الاتصال المغربي بتل أبيب، الأمر الذي يعكس رفضا شعبيا من المحتمل أن يتم التجاوب معه رسميا.