أثار البيان الأخير الذي صاغته التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، جدلا واسعا بين مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، بين مرحبين بجرأته ومنتقدين للهجة التي كتب بها. جدله امتد إلى صفوف “الأساتذة المتعاقدين” أنفسهم، والذين انتقد عدد منهم الصياغة التي اعتمدها البيان الأخير للتنسيقية، فيما دافع عنها آخرون.
ووجه منتقدو بيان التنسيقية، من أساتذة ومتتبعين، اتهامات مباشرة، تقول إن البيان صاغه أساتذة سبق لهم أن انتموا لفصيل “القاعديين” المعروف بخطابه الراديكالي ومواقفه الجذرية، ما انعكس على لغة البيان، محذرين من تصريف مواقف سياسية تعني فصيلا معينا باسم التنسيقية.
وفي الوقت الذي اتجهت تعليقاتٌ لتحميل مسؤوليةِ صياغةِ البيانِ لـ “القاعديين”، انبرت العديد من الوجوه المعروفة داخل التنسيقية، للدفاع عمّا جاء في البيان، موجهين عموم “الأساتذة المتعاقدين” إلى ترك التعليق على مضامينه، إلى حين انعقاد الجموع العامة، باعتبار ها آلية ديمقراطية، كفيلة بإسماع مختلف الأصوات داخل التنسيقية.
وبينما قال المنتقدون إن لغة البيان تشبه لغة “فصيل القاعديين” على مستوى الجامعات المغربية، رد أساتذة متعاقدون بمشاركة بيانات سابقة للتنسيقية مكتوبة بنفس الطريقة، لم تثر النقاشَ نفسه من قبل، متسائلين عن أسباب إثارة النقاش خلال هذه المرحلة بالذات، المتزامنة مع تسريب مكالمة للوزير سعيد أمزازي، يتهم فيها “القاعديين” بالوقوف وراء نضالات الأساتذة المتعاقدين.
وعلق أساتذة بأن “البيان الأخير لم يفعل سوى وضع النقاط على الحروف وتسمية الأمور بمسمياتها”، وبأنه حمل المسؤولية لصندوق النقد الدولي، باعتبار أنه صاحب هذا الإملاء المتعلق بـ “مخطط التعاقد”، وأنه هو الذي يفرض على الدول الدائنة الخضوع لشروطه، محذرين من الانسياق وراء الحملات التي تسعى إلى بث التفرقة وسط “تنسيقية المتعاقدين”.
وتعليقا على هذه الحملة، رد “أساتذة متعاقدين”، خلال ندوة نظمتها اليوم (السبت)، تنسيقيتهم بجهة فاس مكناس، بمناسبة تخليد ذكرى فاتح ماي، قائلين إن التنسيقية “إفراز لنضالات الشعب المغربي، وهي تعكس التنوع الذي يوجد داخل أطياف هذا الشعب بمختلف المشارب الفكرية”.
وأكدت المصادر ذاتها أن “التنسيقية حققت منذ ظهورها العديد من المكتسبات”، مضيفة بأنها “قد تسقط في هفوات أو أخطاء، وذلك أمر طبيعي في إطار الممارسة، ومهمة تقويم الاعوجاج تبقى من صلاحية الأساتذة خلال الجموع العامة”.
وحذر منتقدو البيان الأخير للتنسيقية من أن هذه اللغة المعتمدة قد تجر التنسيقية للباب المسدود في حوارها مع الوزارة المعنية بالقطاع، عبر تحميل التنسيقية مواقف سياسية أكثر مما تتحمل، في وقت تم رد آخرون على هذه النقطة بأن الوزارة بالفعل أغلقت باب الحوار وتتشبث بعدم تحقيق مطلب الإدماج الذي ترفعه التنسيقية، حتى قبل صدور البيان.
ويسعى أساتذة، أعضاء المجلس الوطني لتنسيقية المتعاقدين، إلى محاولة استيعاب النقاش بين الأساتذة، ومحاصرة الارتدادات التي خلفها البيان الأخير، من خلال التذكير بالمطالب التي ترفعها التنسيقية والحملة التي تواجه بها من طرف الدولة، والتي وصلت حد المتابعات والاعتقالات، مذكرين بالضرورة الوحدة وأهميتها.