بعدما بقي الموقف الفرنسي من الصحراء المغربية جامدا لأشهر منذ إعلان الولايات المتحدة الأمريكية اعترافها بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، وأمام الضغط الذي مارسه المغرب من أجل سحب اعتراف مماثل من حليفه الفرنسي، بدأت بوادر توحي بتغيّر وشيك في الموقف الفرنسي من الصحراء المغربية.
ويستعد المغرب، بحسب مجلة “فرانس أنتلجنس” لاستقبال وفد فرنسي رفيع، يزور مدينة الداخلة خلال شهر يونيو المقبل، بمناسبة افتتاح الخط الجوي باريس-الداخلة، الذي أطلقته الشركة الوطنية للخطوط الملكية الجوية، في إطار دعم السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية.
وأكدت معطيات موثوقة، أن الوفد الفرنسي سيتكون من مسؤولين بارزين مثل النائبين المنتميين لحزب الرئيس الفرنسي، كلا من بنيامين غريفو وبيير بيرسون، ومجيد الكراب، ممثل ماكرون، ونائب الفرنسيين المقيمين في شمال وغرب إفريقيا، والوزير السابق جان لويس بورلو، إضافة إلى وزيرا التعاون السابقان جان لوغوين وجان ماري بوكيل والنائب السابق جوليان دراي، وكذا الأمين العام للجمهوريين أوريلين برادي ونائبه بيير هنري دومون.
اللقاء المرتقب، الذي سيكون خطوة متقدمة في تجاه الاعتراف الفرنسي بالسيادة المغربية ودعم مقترح الحكم الذاتي لإنهاء النزاع المفتعل بالصحراء المغربية، يأتي بعد إعلان حزب “الجمهورية إلى الأمام”، الذي ينتمي إليه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، فتح فرع له بمدينة الداخلة، الأمر الذي يعتبر من المؤشرات على بداية خروج الدولة الفرنسية من المنطقة الرمادية بخصوص القضية الوطنية.
وكانت فرنسا قد شاركت في مؤتمر دولي نظم، منتصف يناير الماضي، بشراكة بين الخارجية المغربية والخارجية الأمريكية لدعم مقترح الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية، شاركت فيه 40 دولة منها 27 كانت ممثلة على المستوى الوزاري، والذي تلى الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء المغربية.
ويراهن المغرب على انتزاع اعتراف فرنسي بسيادته على الصحراء، لأن ذلك سيكون مدخلا إلى انتزاع مزيد من الاعترافات داخل دول الاتحاد الأوروبي، خصوصا أن فرنسا تعد واحدة من أهم أركان هذا الاتحاد، إضافة إلى أن المغرب أبرز شريك إفريقي للأوروبيين، ما سيعتبر ضربة موجعة للكيان الانفصالي وداعميه من جنرالات الجزائر، الذين استنفذوا آليات الدعاية المسمومة أمام الجهود السياسية والدبلوماسية المغربية، خاصة بعد فشل “البوليساريو” على الأرض ومعاناتها من الاختيارات الخاطئة لزعمائها.
وتأتي المعطيات لتكشف عن وجود تقارب كبير بين الرباط وباريس بخصوص الاعتراف بالسيادة المغربية، والذي يوشك أن ينتقل من مواقف معزولة لأحزاب سياسية وشخصيات مرموقة إلى موقف رسمي للدولة الفرنسية، وهو التقارب الذي ستعززه الزيارة المرتقبة لمدينة الداخلة خلال شهر يونيو القادم، ما يعني أن المغرب قريب من حسم موقف ثاني أهم الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن بعدما حسم الموقف الأمريكي.