بينما خرجت أحزاب سياسية بمواقف واضحة من “استغلال” حزب التجمع الوطني للأحرار القفف الرمضانية من أجل استمالة الناخبين، عبر ذراعه الجمعوي المتمثل في مؤسسة “جود” للتنمية، فضل حزب العدالة والتنمية أن يتوارى عن الأنظار، ولم يصدر عنه أي موقف بخصوص الموضوع.
ورغم أن حزب العدالة والتنمية كان من أشد منتقدي حزب “الأحرار” لنفوذه السياسي عبر سلطة المال، من خلال خطاب زعيمه السابق، عبد الإله بنكيران، الذي اتهم عزيز أخنوش، زعيم “الحمامة” بشبهة “زواج المال والسلطة”، إلا أن الحزب الذي يقود الحكومة ويترأسها أمينه العام، لم يحرك ساكنا بخصوص مزاعم استغلال المساعدات الإنسانية سياسيا، رغم تداول مقاطع فيديو توثق احتجاج مجموعة من المواطنين، إثر توصلهم ببطائق انخراط في حزب “الأحرار” بعد تسلمهم قفف مساعدات.
ويتساءل كثير من المتابعين عن سر الصمت الذي لف خطاب “البيجيدي” تجاه “تجاوزات” حزب أخنوش، سواء على المستوى الرسمي أو الخرجات الشخصية لرموزه، وكذا على مستوى تحركات وزرائه داخل الحكومة، المفروض تدخلهم للمطالبة بضبط العملية الإحسانية، والحيلولة دون زيغها عن أهدافها.
ولم يسجل أي تحرك فعلي لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أو لوزراء الحزب، رغم مطالب حزب الاستقلال، بوقف التدشينات الحكومية قبيل الانتخابات، كمل لم يدفع في اتجاه التحقيق في اتهامات عبد اللطيف وهبي، زعيم حزب الأصالة والمعاصرة، التي أثارت موضوع توظيف وزراء الأحرار لأموال الوزارات في حملات انتخابية سابقة لأوانها، من خلال برمجة ميزانيات ضخمة لجهات بعينها، مطالبا قضاة زينب العدوي بالتدخل لافتحاص أوجه صرف ميزانية وزارة الفلاحة، التي تعد واحدة من أغنى الوزارات في المغرب.
;يرجع بعض المهتمين تواري “البيجيدي” عن الأنظار بخصوص هذا الموضوع، وعدم جرأته على الخروج بموقف صارم منه، إلى أن حزب العدالة والتنمية بدوره طالما وجهت له اتهامات باستغلال الإحسان العمومي لأغراض الحشد السياسي، ذلك أنه يمتلك عشرات الجمعيات التي تنشط في مجال المساعدات وتوزيع القفف الرمضانية، وفي تنظيم موائد الإفطار، وبالتالي ليس من صالحه أن يهاجم حزبا سياسيا بشبهة مازالت تطارده إلى اليوم، وكانت من أبرز أسباب خروج القانون المنظم للإحسان العمومي.
وفي وقت خرجت أحزاب الأصالة والمعاصرة، والتقدم والاشتراكية، والاستقلال، وفيدرالية اليسار، بموقف يستنكر توظيف المساعدات الإنسانية ويطالب بالتحقيق في الموضوع، اختار “البيجيدي” قائد الأغلبية الحكومية، ألا يثير الموضوع، حفاظا على التحالف الحكومي للشهور المتبقية، لاسيما في ظل التنافر الكبير بينه وبين حزب الأحرار منذ بداية عملية تشكيل الحكومة.
ويشير مهتمون إلى أن صمت حزب العدالة والتنمية عن الموضوع ما هو إلا استمرار من الحزب في تقديم التنازلات والمواقف المضادة لتصوراته قبل خوض تجربتين حكوميتين، والتي وصلت، بعد القبول بالتشكيلة الحكومية التي ارتضاها حزب “الحمامة”، إلى الصمت المطبق عن الاتهامات الموجهة له في موضوع كان يستحق من “البيجيدي” أن يكون مساهما في النقاش العمومي حوله.
وجذير بالذكر أنه رغم التوضيحات التي تقدم بها عزيز أخنوش حول موضوع المساعدات الإنسانية، والتي قال أنها مجال مفتوح في وجه الجميع، ورغم البلاغ الذي أصدرته مؤسسة جود للتنمية مستنكرة إقحامها في صراع سياسي، إلا أن الانتقادات تواصلت في حق “الأحرار” خاصة الصادرة عن أحزاب المعارضة.