بدل أن يعمل سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، على حل الملفات العالقة، ويفتح قنوات الحوار المتوقفة منذ مدة طويلة مع “أساتذة التعاقد” والنقابات الأكثر تمثيلية، فضل أن يوجه جهوده إلى الخرجات الإعلامية، ويعمل هذه الأيام على نشر صوره مرفقة بتعاليق مقتضبة تستفز الفئات المحتجة، وتزيد من صعوبة الوضع داخل قطاع يغلي بالمشاكل.
وأثارت منشورات صفحة الوزير في الآونة الأخيرة استياء رجال ونساء التعليم. ففي الوقت الذي يعيش فيه القطاع واحدة من أصعب لحظاته، بفعل تراكم المشاكل والملفات، التي تستوجب الحل، تقول النقابات بأن عددها وصل 23 ملفا، يعمد أمزازي إلى فتح جبهات جديدة من خلال الرسائل التي تتضمنها الصور التي ينشرها حسابه، والتي توحي بانعدام آفاق الحوار بين الوزارة والفئات المحتجة من أجل ملفات مطلبية.
ولأن ملف “الأساتذة المتعاقدين” من أكثر الملفات الساخنة على مكتب الوزير، فقد خصصت صفحته حيزا مهما من الصور لإبراز موقف الوزير منه، موازاة مع غلق أبواب الحوار منذ بداية سنة 2020، الأمر الذي خلف موجة انتقادات واسعة تفاعلا مع هذه الصور التي نفت وجود “التعاقد” داخل حقل التعليم مؤكدة أن هذه الكلمة “يتم ترويجها من باب الإثارة وتغليط الرأي العام والوطني”، ونفت أن “التوظيف الجهوي” فرض على أحد بدليل الأعداد السنوية التي تترشح للمباراة.
واستمرت صفحة الوزير في نشر صور تتضمن تعليقاته، خلال جلسة المساءلة بمجلس النواب يوم 19 أبريل، والتي دعت، في إشارة إلى الإضرابات المتواصلة لرجال ونساء التعليم، إلى ضرورة تأمين الزمن المدرسي لافتة إلى أن الوزارة تتخذ “في سبيل ذلك الإجراءات التربوية والإدارية الضرورية”، ومضيفة بأنه “لا ينبغي أن نجعل من التلميذ الحلقة الأضعف، والطرف الذي يؤدي كلفة هدر الزمن المدرسي جراء التوقف الجماعي عن العمل”.
ويتضح، من حجم التفاعل الغاضب والتعليقات الساخرة من خرجات الوزير، بأن هذه الصور أدت مهمة عكسية، وبعثت بإشارات سلبية لمختلف الفئات التعليمية التي تنتظر حل ملفاتها من طرف الوزير أمزازي، خاصة في ظل تلميحها إلى أن أزمة التعليم سببها هذه الاحتجاجات وليس قرارات الوزارة والسياسة المتعاقبة على القطاع.
ويصر الوزير أمزازي على أن عدد الملفات المتواجدة في التعليم لا يتعدى 12 ملفا، انتهت الوزارة من حل 7 ملفات منها، وذلك في خطوة تسد باب النقاش مع مختلف الفئات داخل هذا القطاع، الأمر الذي سيزيد من موجة الاحتجاجات، ذلك أن الوزير يتصور الحلول المقترحة من طرفه حلولا نهائيا دون التوصل إلى حسمها مع النقابات والفئات المحتجة، حتى وإن كانت هذه الحلول لا تستجيب لمشاكل هذه الفئات ولا تلامس جوهر المطالب.
وبالرغم من الوعود التي قدمها أمزازي بشأن استئناف الحوار القطاعي مع النقابات التعليمية إلا أن منشورات صفحة الوزير، التي تخصص ميزانية مهمة لإداراتها، توحي بأن الوزارة ماضية في غلق أبواب الحوار وسياسة شد الحبل مع الفئات التعليمية وهو الأمر الذي ينذر بوضع كارثي داخل القطاع.