فسحة رمضان.. طرائف عشتها لما كنت وزيرا
في خضم المسؤوليات التي تقلدوها على امتداد مسارهم السياسي، وخلال تدبيرهم قطاعات في حكومات متوالية، لم تخلُ مسيرة وزراء من لحظات طريفة، تركت بصمتها إلى جانب باقي لحظات الجدّ والمسؤولية، التي تفرضها طبيعة منصبهم.
لحظات انفلات من عقال البروتوكول، خلال لقاءات أو زيارات أو مناسبات مختلفة، تُظهر وجها آخرا للمسؤول الحكومي، تطفو فيها خفة الدم، وتسمو الدعابة بما لا يتناقض مع حساسية المنصب.
“طرائف عشتها لما كنت وزيرا”.. سلسلةُ حلقات ضمن فسحة رمضان، تكشف الوجه الآخر لوزراء سابقين، عاشوا لحظاتٍ علت فيها لغة الابتسامة على محياهم، بسبب طرافة مواقف عاشوها، أضحكت مرافقيهم والحاضرين معهم.
وبحكم حياة الوزراء السياسية، وارتباطها بالتدبير والتسيير، والنجاحات والإخفاقات، ارتأت صحيفة “أمَزان24″، أن تقدم لكم الجانب الخفي من شخصياتهم. لحظات تُحكى على لسانهم، يتقاسمون من خلالها جزءا من ذكرياتهم النادرة والطريفة.
عبد الواحد سهيل: كنت أفطر متأخرا وهكذا تعاملت مع الترمضينة بالبرلمان
تستضيف حلقة “طرائف عشتها لما كنتُ وزيرا” الثانية عبد الواحد سهيل، أحد الوجوه البارزة في حزب التقدم والاشتراكية، فهو عضو مكتبه السياسي، وواحد من الذين حظوا بالثقة الملكية خلال حكومة عبد الإله بنكيران الأولى، وفيها عين وزيرا للتشغيل والتكوين المهني يناير سنة 2012.
جرى تعيينه قبل ذلك، وبالضبط سنة 1998، رئيسا مديرا عاما للقرض العقاري والسياحي، كما راكم مسيرة مهنية وسياسية مهمة.
وعن اللحظات الطريفة التي عاشها، خلال ما يناهز سنتين، التي قضاها سهيل على رأس الوزارة، يحكي سهيل الوزير السابق جزءا منها، المرتبط أساسا بأجواء رمضان، وكيف كان يقضي وقته خلال الشهر الفضيل، لاسيما في ظل المسؤوليات الوزارية وما يرتبط بها من التزامات.
كنت أفطر متأخرا في رمضان
فضل الوزير السابق، عبد الواحد سهيل، أن يقتصر في سرد الطرائف التي عاشها على شهر رمضان، فهو بالنسبة إليه شهر استثنائي، بطقوسه وعاداته ومكانته مجتمعيا. يقول عبد الواحد سهيل: صحيح أن الظروف الحالية جعلت من هذا الشهر مختلفا عن الأجواء التي اعتدناها في السابق، بسبب الجائحة وظروف الحجر الصحي، لكن عموما يبقى شهرا للعبادة والمعايدة والاتصالات العائلية والعمل كذلك.
وعن الطرائف التي يقع فيها الوزراء وهم يؤدون مهامهم، يضيف سهيل، الوزراء أيضا بشر، لديهم حياة عائلية وساعات فرح وساعات غضب وساعات ابتسامة، وأحيانا يعيشون ساعات حزن، يعتري كل إنسان في حياته. ولهذا فحياة الوزراء لا تخلو من الطرائف أيضا. ويسترسل سهيل بأن الفترة التي قضاها في الحكومة، قصيرة نسبيا، لهذا “مرت أغلب لحظاتها بطريقة عادية، وكنت أسهر على استمرار العمل في الوزارة وغيرها من المهام”.
من اللحظات التي يتذكرها عن تلك الفترة، والتي ارتبطت بشهر رمضان الفضيل، أنه كان يتأخر عن وجبة الفطور، ذلك أنه رغم تعيينه وزيرا، فضل سهيل البقاء في الدار البيضاء ليقطن في منزله الذي مازال فيه إلى اليوم. ويحكي سهيل قائلا “كنت أتنقل من الدار البيضاء إلى الرباط يوميا ذهابا وإيابا، وفي بعض أيام رمضان لم أكن أستطيع الوصول إلى المنزل، إلا بعد مرور أكثر من 20 دقيقة، فكنت أفطر متأخرا”.
أسباب التأخر دائما تكون تأخر في العمل يقول الوزير السابق، “كاجتماعات اللجان البرلمانية، أو في حال استقبال ضيف مهم، يكون عليّ البقاء إلى حين إتمام الاجتماعات المنعقدة، ولم يكن بوسعي إخباره بأنني أقطن بالدار البيضاء، لأن ذلك عموما لا يعنيه في شيء. وأتحمل مسؤوليته لوحدي”.
يتذكر الوزير السابق عبد الواحد سهيل ضاحكا، كنت فقط أشفق على حال السائق، الذي كان يأتي باكرا ليقلني إلى الرباط ثم يعيدني مساء إلى الدار البيضاء مساء، فيضطر هو الآخر إلى التأخر عن الإفطار في بعض الأحيان.
ويستحضر سهيل أن التأخر عن وقت الإفطار بسبب العمل يكون على حساب العائلة، أو بعض الأحيان على حساب ضيوف كانوا يحلون في البيت للإفطار معنا. وكما تعرفون فالمغاربة يعملون بقاعدة “تعجيل الفطور”، ما كان يجعلني في مواجهة عقابيين، الأول بسبب التأخر، والثاني متعلق بالضيوف الذين أشعر كنت أشعر أنني تركتهم ينتظرون، ما يسبب لهم إحراجا، يضيف الوزير ضاحكا، مستدركا أن الأمر لم يكن يتكرر كثيرا، لكنه حدث بضعة الأيام.
هكذا تعاملت مع “الترمضينة” بالبرلمان
أتذكر أنه خلال فترة تقلدي المسؤولية الوزارية، كان شهر رمضان يتزامن مع فصل الصيف، وفيه يكون اليوم طويلا، إلى جانب الالتزامات المهنية والعمل مع البرلمانيين في اللجان البرلمانية، ولهذا تكون ظروف العمل أصعب بعض الشيء مما تكون عليه في الأيام العادية خلال الفصول الأخرى.
وعن علاقاته مع البرلمانيين واجتماعات اللجان البرلمانية خلال شهر رمضان، يقول سهيل “إن العلاقات مع البرلمانيين، كانت بالنسبة إليه امتدادا للحياة السياسية بصفة عامة، مضيفا “البرلمانيون في اللجان، كما تعلمون، تكون لديهم حرية التعبير، ومدة كلامهم يكون غير محدود، وفي بعض الأوقات قد يتحول نقاش يتطلب نصف ساعة إلى أربع أو خمس ساعات، لأن الجميع يريد الحديث والإدلاء برأيه، وعلى العموم هذا من حقهم ويدخل ضمن التمرين الديمقراطي”.
ويتذكر سهيل تلك اللحظات ضاحكا “تصور معي من ذهب إلى حضور اجتماع لجنة برلمانية في الثالثة أو الرابعة زوالا بعد أن قضى اليوم كاملا في العمل والقيام بمهامه في الوزارة، ثم يلتقي برلمانيين “مرمضنين بحالو”، تجد نفسك تدعو الله متى ينتهي ذلك “العذاب” الذي يكتسي شكلا خاصا، يضيف الوزير ساخرا.
ورغم ذلك، يؤكد سهيل، لم يسبق أن وقعتُ في سوء فهم مع برلماني، فقد كانت تجمعني معهم علاقات طيبة، لأنهم يمارسون حقهم، ونحن نقوم بواجبنا، ولهذا لم يحدث أن “ترمضنت” على نائب برلماني كما لم يحدث العكس، سواء في الجلسات العامة أو في اجتماعات اللجان البرلمانية.
وعندما كانت تحدث بعض التجاوزات، يتم التعامل معها بالصبر، فيكون الرد على الأمور المعقولة، لكن عموما كانت علاقاتي طيبة مع الجميع. ففي رمضان يهبني ربي من فضله الصبر والقدرة على التحمل، وتمر الأمور كما هو مبرمج لها، يضيف الوزير سهيل.