سنة ونصف من اجتياح وباء كورونا المستجد، كانت كفيلة بأن تعري الواقع الحقوقي المتدهور، الذي تتجرعه النساء المغربيات في مختلف المجالات، انعكس على وضعهن الاجتماعي والاقتصادي والنفسي والأسري.
وبمناسبة الاحتفال بيوم المرأة العالمي، في الثامن مارس من كل سنة، فإن الفرصة لا تكون فقط للاحتفال بالمتألقات، بل لوضع الأصبع على الخلل، وكشف التراجعات الحقوقية التي تعانيها النساء، رغم جهودهن ونضالهن لإثبات ذواتهن، في البيت وفي مواقعهن كمسؤولات، داخل بعض مؤسسات الدولة.
الانتكاسات الحقوقية للنساء المغربيات، التي كشفها الوباء، يتحمل مسؤوليتها الجميع، على رأسهم وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، التي لم يُشهد لها أي حضور لدعم هذه الفئة الاجتماعية خلال الجائحة، واكتفت بإطلاق مبادرات تروم دعم النساء في وضعية صعبة، وإطلاق شراكات، وإعلان حملات تحسيسية.
وأعلنت الوزارة، التي توجد على رأسها جميلة المصلي، إطلاق شراكات تستهدف النساء ضحايا العنف، وعملية دعم مالي لمبادرات جمعيات وشبكات مراكز الاستمتاع، من أجل مواكبة النساء في وضعية صعبة، وتطوير الخدمات عن بعد، مع إطلاق منصة “كلنا معك”، لتعزيز خدماتها عن بعد خلال مرحلة الحجر الصحي.
جهود وزارة المصلي، تبقى ضعيفة مقارنة مع الأرقام الكبيرة للعنف، الذي تتعرض له المغربيات، والانتكاسات الحقوقية التي يعشنها، لاسيما في ظروف الجائحة، وهو واقع يستوجب على الوزارة المعنية، تكثيف جهودها أكثر، كما يستوجب على المشرع مراجعة الإطار القانوني لحماية النساء من كل أشكال العنف، وتمكينهن اقتصاديا، والتنسيق بين الفاعلين المدنيين لإيصال صوت المرأة المقهورة إلى كل الفئات المعنية.
في السياق ذاته، كشفت هيئات مدنية أرقاما صادمة، تجسد واقع التراجعات الحقوقية للمرأة المغربية خلال ظروف الأزمة الصحية، ووقائع أخرى جرى بثها عبر وسائل إعلام، لنساء عاملات داخل ضيعات فلاحية، كن ضحايا الفيروس، فيما أخريات توفي داخل معامل قيل عنها سرية، بينما تعرضت نساء للعنف في بيوتهن خلال فترة الحجر الصحي، الذي فرضته ظروف الوباء حوالي ثلاثة أشهر.
وبسبب جائحة كورونا، تأثر الوضع الاقتصادي للنساء، وتراجع نشاطهن من 19 في المائة إلى 17.1 في المائة، بحسب تقارير المندوبية السامية للتخطيط والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مع تسجيل صعوبة النساء في الولوج إلى الخدمات الصحية خلال الجائحة، من ضمنها صعوبة تتبع الحمل أو الحصول على حبوب منع الحمل، التي توفرها مستوصفات القرب.
وأثرت الجائحة في وضعية النساء اللواتي يشتغلن في القطاع غير المهيكل. فقد تضررن بعد إعلان حالة الطوارئ الصحية، وفرض الإغلاق، بما فيهن العاملات في قطاع السياحة والنسيج والحمامات والبائعات المتجولات، ليجدن أنفسهن يفتقرن لأي مصدر رزق، نظرا لعدم توصل 90 في المائة منهن بدعم الدولة، الذي استفادت منه فقط حوالي 10 في المائة من المتضررات، بحسب هيئات الدفاع عن حقوق النساء.
في الشق الاجتماعي، سجلت الهيئات المدنية المتتبعة الوضع الحقوقي النسائي بالمغرب، أرقاما صادمة للنساء اللواتي مورس عليهن العنف بمختلف أشكاله خلال فترة الجائحة، إذ سجلت فيدرالية رابطة حقوق النساء، حوالي 4663 فعل عنف، تعرضت له النساء والفتيات خلال فترة الحجر المنزلي، بينما استقبلت مراكز استماع الفيدرالية أكثر من 1774 اتصالا هاتفيا للتصريح بالعنف، من 1038 امرأة من مختلف المدن بالمملكة، بزيادة بلغت 31.6 في المائة.
تقرير الرابطة، كشف ارتفاع العنف الممارس ضد النساء، بشكل كبير خلال فترة الحجر المنزلي في زمن الوباء. وعزت الارتفاع إلى ظروف الحجر الصحي، التي جعلت كل مكونات العائلة، تقتسم الفضاء نفسه، طيلة 24 ساعة وسبعة أيام في الأسبوع.
فترة الحجر الصحي، جعلت من الصعب تطبيق القانون 103.10 المتعلق بمناهضة العنف ضد النساء، واستعصى معه إيواء النساء المعنفات، لأن الحجر ألزم الجميع بالبقاء في منازلهم. ووجدت الرابطة صعوبة في نقل بعض المعنفات إلى عائلاتها بمدن أخرى، نظرا لشرط الحصول على رخص التنقل، وصعب على كثير منهن الولوج إلى المحاكم لتقديم الشكاوى في ظل الجائجة.