منذ أزيد من 23 سنة، تستمر شركة “ليدك” في السيطرة على تدبير توزيع الماء والكهرباء، وتجميع المياه العادمة والمطرية والإنارة العمومية بالدار البيضاء، مراكمة بذلك أرباحا طائلة، دون أن تفي بالكثير من التزاماتها تجاه المواطنين.
ومع كل فصل شتاء، تتكرر مشاهد تقصير “ليديك”، ما يكبد البيضاويين خسائر مادية كبيرة، وأصبح يشكل بالنسبة إليهم تهديدا، جراء الفيضانات والسيول المائية التي تجرف سياراتهم وممتلكاتهم، دون ترتيب أي مسؤوليات.
ورغم الفشل الذريع، الذي راكمته في تسيير القطاع، مقابل الأرباح الضخمة التي تستفيد منها، إلا أن شركة “ليدك” التابعة لشركة “سويز” الفرنسية المتعددة الجنسيات، ستستمر لسنوات أخرى في الدار البيضاء، ذلك أنها حصلت على عقد لأكثر من 30 عاما، في ظروف مثيرة للجدل من قِبل وزير الداخلية السابق، إدريس البصري، عام 1997.
وتمتد تأثيرات إخلال شركة “ليدك” بمقتضيات عقد التدبير المفوض، لتسبب في ضياع حقوق مجلس مدينة الدار البيضاء، ما أكده عبد العزيز العماري، عمدة المدينة، في تصريح صحافي، مشيرا إلى أن عملية تدقيق الحسابات التي تمت من قبل خبراء أجانب، والتي شملت الفترة الممتدة من سنة 1997 إلى الأن، مكنت مجلس المدينة من استرجاع 840 مليون درهم لصالحه من طرف الشركة، مضيفا أنه لولا جهود المراقبة، التي يقوم بها المجلس، لكانت هذه الأموال في الضفة الأخرى، في إشارة إلى شركة “ليديك”.
وتسبب التسويف، الذي عرفته عملية مراجعة العقد مع الشركة المذكورة، التي كان متوقعا أن تتم بتاريخ 30 يونيو 2016، وفق ما حدده مجلس مدينة الدار البيضاء بناء على قرار لجنة التتبع، في ضياع الكثير من حقوق مجلس الجماعة. وأمام هذا التأخر، تقرر القيام بعمليات افتحاص التدبير المفوض لخدمات الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل، منها التي شملت الفترة ما بين 2012 و2020.
وتبين من خلال تقييم سابق للمجلس الجهوي للحسابات، أن الممارسات التي تقوم بها “ليديك”، أدت إلى تجاوز الأرباح المتعاقد عليها. فنسبة المردودية بلغت 18.5 بالمائة، في حين أن التوقعات المالية تمت على أساس 15 في المائة فقط. كما أن تقرير الخبرة السابق، الذي أنجزه تجمع مكتبي الدراسات AUDITAS – FIDUCIA، أكد أن شركة “ليديك” مازال في ذمتها مبلغ 546 مليون درهم، عليها سداده لمجلس مدينة الدار البيضاء من الأرباح التي حققتها، خلال الفترة الممتدة ما بين 1997 و2006، وهي الفترة التي خضعت للافتحاص، وفقا للمادة 33 من عقد التدبير المفوض.
وبلغت أرباح الشركة بين الفترة الممتدة من 2003 إلى 2017 إلى 236 مليار سنتيم، وزعتها الشركة على المساهمين، لكن مجلس مدينة الدار البيضاء لم يتوصل بحصته. وارتفعت أرباح الشركة من 100 مليون درهم سنة 2003 إلى 180 مليون درهم سنة 2017. فنسبة الأرباح خلال هذه السنة، بلغت 90 بالمائة من النتيجة الصافية، فيما بلغت 192 في المائة سنة 2006. لكن الشركة وعوض أداء ما بذمتها، لجأت إلى مكاتب دراسات أجنبية لتتهرب من التزاماتها، والأكثر من ذلك أن جماعة الدار البيضاء، تحولت إلى مدافع عنها، عوض تفعيل اختصاصات المراقبة التقنية والمراقبة المالية ومراقبة التسيير، ما ضيع عليها مبالغ مستحقة تقدر بـ 54.6 مليار سنتيم.
أساليب التهرب التي تنهجها شركة “ليديك”، ولجوؤها إلى مكاتب دراسات، تحت الطلب، جعل الشركة تدفع للمجلس ما يقدر بـ 150 مليون سنتيم فقط، بدل أكثر من 54 مليار سنتيم التي بذمتها، ومع ذلك بقي المجلس مكمم الأفواه.
وبينما تم التستر على نتائج تقرير حول حجم الأضرار التي تسببت فيها شركة “ليدك” للموطنين سنة 2010، خوفا من لجوء المواطنين إلى طلب التعويض، أكد عمدة الدار البيضاء، اليوم، أنه من حق المواطنين الاستفادة من التعويض عن الخسائر، فهل ستلتزم الشركة هذه المرة؟ أم ستلجأ إلى أساليب المماطلة والتهرب مرة أخرى؟
وفي المقابل، هل يستوعب مجلس المدينة الأدوار المنوطة به لحماية المواطنين من الأضرار المتكررة سنويا؟ أم سيلجأ مرة أخرى إلى التغطية على اختلالات شركة “ليديك” وحمايتها؟