في الوقت الذي لا تفصل فيه المغرب سوى خطوات قليلة على إطلاق عملية التلقيح ضد فيروس “كوفيد19″، تصاعدت حدة الخلافات بين خبراء مغاربة يتواجدون بالخارج وخبراء الداخل، بعدما تساءل خبراء الخارج حول نجاعة اللقاح الصيني والأعراض الجانبية التي قد ترافق العملية، وما إن كانت التجارب السريرية التي أجراها المغرب كافية لتشكيل قناعة الدخول في عملية التلقيح.
ولم يرحب الخبراء المغاربة بالداخل بالأسئلة والملاحظات التي تقدم بها زملاؤهم المتواجدون بالخارج، مقدمين مجموعة من التوضيحات في الموضوع، عقب الرسالة التي بعثها خبراء دوليين من أصل مغربي في مجالات تطوير اللقاحات وعلم المناعة وعلم الأوبئة وعلم الفيروسات ومختلف تخصصات الطب، الذين يمثلون الشبكة الدولية للمهارات الطبية لمغاربة العالم (C3M)، موجهة إلى خالد أيت الطالب، وزير الصحة، تضع أسئلة حول اللقاح الصيني.
وقال الخبراء المغاربة بالخارج، إنه على الرغم من أن الفيروس ظل مستقرا نسبيا على المستوى الوراثي، فقد تم اكتشاف طفرات متفاوتة الأهمية، وسيكون مهما ضمان حمل سلالة اللقاح المستخدمة في لقاح “سينوفارم” الجانب الوقائي ضد السلالات المتداولة في المغرب، لاسيما أنها هي التي أُخذت في الصين بعد وقت قصير جدا من إعلان الجائحة.
وأكد خبراء الخارج، في الرسالة نفسها، أنه من أجل تعزيز ثقة المواطنين في اللقاح، يجب أن تقوم شركة “سينوفارم” رسميا بإبلاغ نتائج المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، كما تفعل شركات الأدوية الأخرى، مضيفين أن هذا اللقاح يبدو أنه استخدم في الأفراد العسكريين في الصين؛ وسيكون من المناسب الوصول إلى هذه البيانات.
وذكر الخبراء أنفسهم أن تاريخ تطوير اللقاحات يؤكد أننا لسنا أبدا بمنأى عن المفاجآت، مشيرين إلى لقاح أمريكي سابق راح ضحيته طفلين، موضحين أن رقم 600 متطوع الذين أجرى عليهم المغرب اللقاح غير كاف إحصائيا لحساب الفعالية من حيث الحماية من المرض. وذكر الخبراء بأهمية الكشف عن الآثار الجانبية على المدى الطويل، متساءلين مع أيت الطالب حول خطته حول ذلك، مؤكدين استعدادهم للعمل مع اللجنة لتحديد الآثار المحتملة واقتراح نهج للكشف عنها.
وسارع دكتوران مغربيان بالداخل إلى الرد على الرسالة المذكورة، إذ قال أحمد غسان الأديب، وهو أستاذ التخدير والإنعاش في مستشفى جامعة محمد السادس في مراكش ورئيس أحد أقسام الإنعاش، وهو أيضا رئيس قسم التربية في مركز المحاكاة والابتكار في العلوم الصحية في كلية الطب والصيدلة في جامعة القاضي عياض، في منشور في صفحته في “فايسبوك”، “المشكلة هي أن الهدف من كل ما يتم القيام به في المغرب هو كسر الوباء في أسرع وقت ممكن. ولا يمكن للمغرب والبلدان الأفريقية تحمل تكاليف الصمود على المدى الطويل. خدمات الإنعاش لدينا لن تكون قادرة على رعاية جميع مرضى كوفيد 19، وسيكون لدينا الآلاف من الوفيات من الأمراض أخرى غير كوفيد بسبب رهن النظام الصحي بمواجهة الوباء”.
ووفقا للبروفيسور الأديب، فإن الدول الأقل ضررا هي التي ستتخلص بسرعة من الوباء، مضيفا أنه للتخلص من الوباء، هناك خياران، مناعة جماعية طبيعية ونحن بعيدين عنها وهي غير مضمونة، والتي ستكلف خسائر الأرواح والاقتصاد، أما الخيار الثاني فهو المناعة الجماعية باللقاح، مشيرا إلى أن نسبة 60% من السكان الملقحين عدد كافي لوضع حد للفيروس في أسرع وقت ممكن وبأقل ضرر ممكن حتى على حساب التطعيمات المتكررة إذا لزم الأمر”.
وأكد الأديب أن المغرب محظوظ ببعد نظر أعلى سلطة في المغرب التي اتخذت قرار المشاركة في التجارب السريرية، ليكون المغرب قادرا على شراء اللقاحات الأكثر تقدما، ومنها لقاح “سينوفارم”، مضيفا أنه عبر عملية التلقيح “سوف ننقذ أكثر من أي وقت مضى المزيد من الأرواح ونساعد في تأمين مستقبل أجيالنا الشابة من خلال وضع بلدنا كقوة من مصلحة قارة بأكملها”.
ومن جانبه أكد عز الدين الإبراهيمي، مدير مختبر البيوتكنولوجيا بالرباط، ورئيس فريق البحث المغربي، أن فريقه قام بالمساهمة بالعديد من الأبحاث العالمية وأنجز دراسات مهمة، داعيا خبراء المغرب بالخارج إلى إبراز مؤهلاتهم، بأن يشاركوا نتائج ما توصلوا إليه خلال الجائحة، مضيفا أنه “كنا نتمنى أن تطلوا علينا كخبراء دوليين من قنوات إعلامية دولية حتى نفتخر بكم كما نفعل بالخبير المغربي-الأمريكي الكفء منصف السلاوي”، كما تمنى ألا يكون اهتمامهم بالبحث العلمي “مجرد نزوة كورونية”.