كشفت معطيات رقمية للمحكمة الابتدائية الاجتماعية للدار البيضاء، أن حالات الزواج المختلط بين المغاربة والأجانب (من الجنسين) انخفضت بأزيد من 60 في المائة إلى حدود 24 نونبر الجاري بالمدينة، جراء الظروف الاستثنائية التي فرضتها الأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا المستجد.
وأفادت مليكة أشكورة، وكيلة الملك لدى المحكمة المذكورة الأستاذة، أن عدد حالات الزواج المختلط خلال هذه الفترة لم يتجاوز 506 حالة، وهو رقم أقل بكثير عما سجلته السنة الماضية، التي عرفت إبرام 1295 عقد زواج مختلط.
وعزت أشكورة التراجع، إلى إغلاق الحدود المغربية وصعوبة التنقل بين الدول في ظل هذه الظرفية الاستثنائية، وهي عوامل كان لها دورها في عدم إتمام العديد من عقود الزواج المختلط، لاسيما مع بداية تفشي الوباء، الذي أدى إلى التوقف التام عن البت في هذه النوعية من الطلبات لأكثر من3 أشهر.
وأوضحت المسؤولة القضائية، أن تراجع عدد حالات الزواج المختلط يعزا أيضا إلى طبيعة القوانين المعمول بها في مثل هذه الحالات، والتي تروم الحفاظ وحماية حقوق المغاربة الراغبين في الارتباط بشخص أجنبي. وأضافت أن هذا النوع من الزواج يفرض توفر مجموعة من الشروط الضامنة لتلك الحقوق، إذ لا يحق لقاضي الزواج منح الإذن لتوثيق العقد بين الطرفين، إلا بعد مثولهما الشخصي أمام الوكيل، وإخضاعهما للأبحاث اللازمة من طرف الشرطة القضائية، للتأكد من الهوية وسلامة الوثائق الرسمية المدلى بها.
ومن بين الشروط الكفيلة بحماية حقوق الراغبين في الزواج من أجنبي، وخاصة من العنصر النسوي، أشارت أشكورة إلى ضرورة اعتناق الخاطب الأجنبي للديانة الإسلامية، وإثبات كفاءته المادية كإجراء حمائي لتأمين حياة زوجية آمنة، مبرزة أن الغرض من وراء التشديد والحرص على استكمال كل تلك الشروط، يكمن في تفادي كل الإشكاليات التي قد يطرحها هذا الزواج المختلط.
ولفتت إلى أن هذا النوع من الزواج، الذي شمل هذه السنة 366 من المغربيات المتزوجات بالأجانب، و140 من المغاربة المتزوجين بالأجنبيات، يبقى سلاحا ذا حدين، إذ إنه في حالة عدم تحقق شروط نجاحه، خاصة بديار المهجر، تجد المرأة المغربية نفسها رهينة قانون بلد الإقامة، ما قد يعصف بحقوقها خاصة في حالة الطلاق.
واستعرضت جملة إشكالات تتصل بالنفقة وتقسيم الممتلكات وحضانة الأطفال وصلة الرحم، ما قد يؤثر سلبا على المسار الدراسي للأبناء واستقرارهم الاجتماعي والنفسي، مسجلة في المنحى ذاته أن الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية لا تنفذ بالمغرب، إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية.
وقالت إنه من خلال ملفات القضايا المعروضة داخل المحكمة الاجتماعية للدارالبيضاء، يستشف أن الطرف الأجنبي، وفي حالة استقدام الأم المغربية لأطفالها لبلدها الأم، غالبا ما يسعى إلى استصدار حكم بإسقاط الحضانة، و بعد حصوله على ذلك يتقدم لتذييل الحكم بالصيغة التنفيذية، و في حالة قبول هذا الطلب يمكن أن تحرم الأم من حضانة أبنائها.
وعكس ذلك، تستطرد المتحدثة ذاتها، ففي حالة إقامة الزوجين بأرض الوطن، تسري على الطرفين أحكام الزواج المنصوص عليها في مدونة الأسرة، المستمدة من أحكام الشرع الإسلامي، إذ تترتب عن الزواج المختلط آثار الزواج العادي نفسها بالنسبة للأبناء، فضلا عن الاستفادة من ازدواجية الجنسية.
واستجابة لانشغالات الأسر المغربية، بشأن مستقبل أبنائهم في حالة ارتباطهم بغير المواطنين المغاربة، أولى دستور 2011 حيزا هاما لقضايا الأسرة، خاصة الإشكاليات المطروحة بخصوص الأحوال الشخصية، فضلا عن المنشورات الوزارية الصادرة قبل مدونة الأسرة ودوريات رئيس النيابة العامة منذ سنة 2017، والتي تتضمن بشكل دقيق كافة الشروط والوثائق الواجب الإدلاء بها لدى السلطات المغربية لإتمام عقود الزواج المختلط.